خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً
٦١
-الفرقان

جامع البيان في تفسير القرآن

.

يقول تعالـى ذكره: تقدّس الربّ الذي جعل فـي السماء بروجاً ويعنـي بـالبروج: القصور، فـي قول بعضهم. ذكر من قال ذلك:

حدثنا مـحمد بن العلاء ومـحمد بن الـمثنى وسلـم بن جنادة، قالوا: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت أبـي، عن عطية بن سعد، فـي قوله { تَبـارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِـي السَّماءِ بُرُوجاً } قال: قصوراً فـي السماء، فـيها الـحرس.

حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنـي أبو معاوية، قال: ثنـي إسماعيـل، عن يحيى بن رافع، فـي قوله { تَبـارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِـي السَّماءِ بُرُوجاً } قال: قصوراً فـي السماء.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيـم { جَعَلَ فِـي السَّماء بُرُوجاً } قال: قصوراً فـي السماء.

حدثنـي إسماعيـل بن سيف، قال: ثنـي علـيّ بن مسهرٍ، عن إسماعيـل، عن أبـي صالـح، فـي قوله { تَبـارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِـي السَّماء بُرُوجاً } قال: قصوراً فـي السماء فـيها الـحرس.

وقال آخرون: هي النـجوم الكبـار. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي ابن الـمثنى، قال: ثنا يعلـى بن عبـيد، قال: ثنا إسماعيـل، عن أبـي صالـح { تَبـارَكَ الَّذي جَعَلَ فِـي السَّماءِ بُرُوجاً } قال: النـجوم الكبـار.

قال: ثنا الضحاك، عن مخـلد، عن عيسى بن ميـمون، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد قال: الكواكب.

حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، فـي قوله { بُرُوجاً } قال: البروج: النـجوم.

قال أبو جعفر: وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال: هي قصور فـي السماء، لأن ذلك فـي كلام العرب { وَلَوْ كُنْتُـمْ فِـي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ } وقول الأخطل:

كأنَّهَا بُرْجُ رُوميّ يُشَيِّدُهُبـانٍ بِحِصّ وآجُرَ وأحْجارِ

يعنـي بـالبرج: القصر.

قوله: { وَجَعَلَ فـيها سِرَاجاً } اختلف القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة: { وَجَعَلَ فِـيها سرَاجاً } علـى التوحيد، ووجهوا تأويـل ذلك إلـى أنه جعل فـيها الشمس، وهي السراج التـي عنـي عندهم بقوله: { وَجَعَلَ فِـيها سراجاً }. كما:

حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، فـي قوله { وَجَعَلَ فِـيها سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِـيراً } قال: السراج: الشمس.

وقرأته عامة قرّاء الكوفـيـين: «وَجَعَلَ فِـيها سُرُجاً» علـى الـجماع، كأنهم وجهوا تأويـله: وجعل فـيها نـجوماً { وقَمَراً مُنِـيراً } وجعلوا النـجوم سُرُجاً إذ كان يُهتدى بها.

والصواب من القول فـي ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان فـي قَرَأَةِ الأمصار، لكل واحدة منهما وجه مفهوم، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.

وقوله: { وَقَمَراً مُنِـيراً } يعنـي بـالـمنـير: الـمضيء.