خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ
٢
-العنكبوت

جامع البيان في تفسير القرآن

قال أبو جعفر: وقد بـيَّنا معنى قول الله تعالـى ذكره { آلـم } وذكرنا أقوال أهل التأويـل فـي تأويـله، والذي هو أولـى بـالصواب من أقوالهم عندنا، بشواهده فـيـما مضى، بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.

وأما قوله: { أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } فإن معناه: أظَنَّ الذين خرجوا يا مـحمد من أصحابك من أذى الـمشركين إياهم، أن نتركَهم بغير اختبـار، ولا ابتلاء امتـحان، بأن قالوا: آمنا بك يا مـحمد، فصدّقناك فـيـما جئتنا به من عند الله، كَلاَّ لنـختبرهم، لـيتبـين الصادق منهم من الكاذب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله { آمَّنا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } قال: يُبْتلَون فـي أنفسهم وأموالهم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة { وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ }: أي لا يُبْتَلَون.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفـيان، عن أبـي هاشم، عن مـجاهد، فـي قوله { وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } قال: لا يُبْتَلَون.

فَأَنِ الأولـى منصوبة بحسب، والثانـية منصوبة فـي قول بعض أهل العربـية، بتعلق يتركوا بها، وأن معنى الكلام علـى قوله { أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكُوا } لأن يقولوا آمنا فلـما حذفت اللام الـخافضة من لأَنْ، نصبت علـى ما ذكرت. وأما علـى قول غيره فهي فـي موضع خفض بإضمار الـخافض، ولا تكاد العرب تقول: تركت فلانا أن يذهب، فتدخـل أنْ فـي الكلام، وإنـما تقول: تركته يذهب، وإنـما أدخـلت أن هاهنا لاكتفـاء الكلام بقوله { أنْ يُتْرَكُوا } إذ كان معناه: أحسب الناس أن يُتركوا وهم لا يفتنون، من أجل أن يقولوا آمنا، فكان قوله: { أنْ يُتْرَكُوا } مكتفـية بوقوعها علـى الناس، دون أخبـارهم. وإن جعلت «أن» فـي قوله { أنْ يَقُولُوا } منصوبة بنـية تكرير أحسب، كان جائزاً، فـيكون معنى الكلام: أحسب الناس أن يُتركوا: أحسبوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون.