خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ
٢١
وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٢٢
-العنكبوت

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: ثم الله ينشىء النشأة الآخرة خـلقه من بعد فنائهم، فـيعذّب من يشاء منهم علـى ما أسلف من جرمه فـي أيام حياته، ويرحم من يشاء منهم مـمن تاب وآمن وعمل صالـحاً { وَإلَـيْهِ تُقْلَبُونَ } يقول: وإلـيه ترجعون وتردّون.

وأما قوله: { وَما أنْتُـمْ بِـمُعْجِزِينَ فِـي الأرْضِ وَلا فِـي السَّماءِ } فإن ابن زيد قال فـي ذلك ما:

حدثنـي يونس، قال: أخبرن ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { وَما أنْتُـمْ بِـمُعْجِزِينَ فِـي الأرْضِ وَلا فِـي السَّماءِ } قال: لا يُعجزه أهل الأرضين فـي الأرضين ولا أهل السموات فـي السموات إن عصوه، وقرأ: { { مثقالُ ذَرّةٍ فـي السَّموات ولا فِـي الأرض، وَلا أصْغَرُ مِنْ ذلكَ ولا أكْبَرُ إلاَّ فِـي كِتابٍ مُبِـينٍ } .

وقال فـي ذلك بعض أهل العربـية من أهل البصرة: وما أنتـم بـمعجزين من فـي الأرض ولا من فـي السماء مُعْجِزِينَ قال: وهو من غامض العربـية للضمير الذي لـم يظهر فـي الثانـي. قال: ومثله قول حسان بن ثابت:

أمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللّهِ مِنْكُمْ ويَـمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ؟

أراد: ومن ينصره ويـمدحه، فأضمر «مَنْ». قال: وقد يقع فـي وهم السامع أن النصر والـمدح لـمَنْ هذه الظاهرة ومثله فـي الكلام: أكرمْ من أتاك وأتـى أبـاك، وأكرم من أتاك ولـم يأت زيدا. تريد: ومن لـم يأت زيدا، فـيكتفـي بـاختلاف الأفعال من إعادة مَنْ، كأنه قال: أمَن يهجو، ومن يـمدحه، ومن ينصره. ومنه قول الله عزّ وجلّ: { { وَمَنْ هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللَّـيْـل وَسارِبٌ بـالنَّهارِ } وهذا القول أصحّ عندي فـي الـمعنى من القول الآخر، ولو قال قائل: معناه: ولا أنتـم بـمعجزين فـي الأرض، ولا أنتـم لو كنتـم فـي السماء بـمعجزين كان مذهبـاً.

وقوله: { وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ وَلـيّ وَلا نَصِيرٍ } يقول: وما كان لكم أيها الناس من دون الله من ولـيّ يـلـي أموركم، ولا نصير ينصركم من الله إن أراد بكم سوءاً ولا يـمنعكم منه إن أحلّ بكم عقوبتَه.