خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ
١٦٥
وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ
١٦٦
وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ
١٦٧
لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ
١٦٨
لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٦٩
-الصافات

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره مخبراً عن قـيـل ملائكته: { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ } لله لعبـادته { وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ } له، يعنـي بذلك الـمصلون له. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال به أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن علـيّ بن الـحسن بن شفـيق الـمَرْوَزِيّ، قال: ثنا أبو معاذ الفضل بن خالد، قال: ثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك بن مُزَاحم يقول قوله: { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ } كان مسروق بن الأجدع، يروي عن عائشة أنها قالت: قال نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم: "ما فِـي السَّماءِ الدُّنْـيا مَوْضِعُ قَدَمٍ إلاَّ عَلَـيْهِ مَلَكٌ ساجِدٌ أوْ قَائِمٌ" ، فذلك قول الله: { وَما مِنَّا إلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ }.

حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلـم، عن مسورق، قال: قال عبد الله: إن من السموات لسماء ما فـيها موضع شبر إلا وعلـيه جبهة ملَك أو قدمه قائما قال: ثم قرأ: { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ وإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ }.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن الأعمش، عن أبـي الضُّحَى عن مسروق عن عبد الله، قال: إن من السموات سماءً ما فـيها موضع إلا فـيه ملَك ساجد، أو قدماه قائم، ثم قرأ: { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ }.

حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: ثنا ابن علـية، قال: أخبرنا الـجريري، عن أبـي نضرة، قال: كان عمر إذا أُقـيـمت الصلاة أقبل علـى الناس بوجهه، فقال: يا أيها الناس استَوُوا، إن الله إنـما يريد بكم هَدْيّ الـملائكة { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ } اسْتَوُوا، تقدّم أنت يا فلان، تأخر أنت أي هذا، فإذا استَوُوا تقدّم فكبر.

حدثنـي موسى بن عبد الرحمن، قال: ثنـي أبو أُسامة، قال: ثنـي الـجريري سعيد بن إياس أبو مسعود، قال: ثنـي أبو نضرة، كان عمر إذا أقـيـمت الصلاة استقبل الناس بوجهه، ثم قال: أقـيـموا صفوفكم واستووا فإنـما يُريد الله بكم هدي الـملائكة، يقول: { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ } ثم ذكر نـحوه.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ } قال: يعنـي الـملائكة { وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ } قال: الـملائكة صافون تسبِّح لله عزّ وجلّ.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ } قال: الـملائكة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سلـيـمان، قال: ثنا أبو هلال، عن قتادة { وإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ } قال: الـملائكة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُونَ } قال: صفوف فـي السماء { وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ }: أي الـمصلون، هذا قول الـملائكة يثنون بـمكانهم من العبـادة.

حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله: { وَإنا لَنَـحْنُ الصَّافُونَ } قال: للصلاة.

حدثنا مـحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسبـاط عن السديّ، قال: وذكر السديّ، عن عبد الله، قال: ما فـي السماء موضع شبر إلا علـيه جبهة ملك أو قدماه، ساجدا أو قائما أو راكعا، ثم قرأ هذه الآية { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ وَإنَّا لَنَـحْنُ الـمُسَبِّحُونَ }.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَإنَّا لَنَـحْنُ الصَّافُّونَ } قال: الـملائكة، هذا كله لهم.

وقوله: { وَإنْ كانُوا لَـيَقُولُونَ لَوْ أنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الأوَّلـينَ لَكُنا عبـادَ الله } يقول تعالـى ذكره: وكان هؤلاء الـمشركون من قريش يقولون قبل أن يبعث إلـيهم مـحمد صلى الله عليه وسلم نبـيا، { لَوْ أنَّ عنْدَنا ذِكْراً مِنَ الأوَّلِـينَ } يعنـي كتابـاً أُنزل من السماء كالتوراة والإنـجيـل، أو نبـيّ أتانا مثل الذي أتـى الـيهود والنصارى { لَكُنَّا عِبـادَ اللّهِ } الذين أخـلَصهم لعبـادته، واصطفـاهم لـجنته. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَإنْ كانُوا لَـيَقُولُونَ لَوْ أنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الأوَّلِـينَ لَكُنَّا عِبـادَ اللّهِ الـمُخْـلَصِينَ } قال: قد قالت هذه الأمة ذاك قبل أن يبعث مـحمد صلى الله عليه وسلم: لو كان عندنا ذكر من الأوّلـين، لكنا عبـاد الله الـمخـلصين فلـما جاءهم مـحمد صلى الله عليه وسلم كفروا به، فسوف يعلـمون.

حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ فـي قوله: { ذِكْراً مِنَ الأوَّلِـينَ } قال: هؤلاء ناس من مشركي العرب قالوا: لو أن عندنا كتابـاً من كتب الأوّلـين، أو جاءنا علـم من علـم الأوّلـين قال: قد جاءكم مـحمد بذلك.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: رجع الـحديث إلـى الأوّلـين أهل الشرك { وَإنْ كانُوا لَـيَقُولُونَ لَوْ أنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الأوَّلِـينَ }.

حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { لَوْ أنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الأوَّلِـينَ لَكُنَّا عِبـادَ اللّهِ الـمُخْـلَصِينَ } هذا قول مشركي أهل مكة، فلـما جاءهم ذكر الأوّلـين وعلـم الآخرين، كفروا به فسوف يعلـمون.