خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ
١٩
لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ
٢٠
-الزمر

جامع البيان في تفسير القرآن

يعنـي تعالـى ذكره بقوله: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَـيْهِ كَلِـمَةُ العَذَابِ }: أفمن وجبت علـيه كلـمة العذاب فـي سابق علـم ربك يا مـحمد بكفره به، كما:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَـيْه كَلِـمَةُ العَذَابِ } بكفره.

وقوله: { أَفأنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِـي النَّارِ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: أفأنت تنقذ يا مـحمد من هو فـي النار من حق علـيه كلـمة العذاب، فأنت تنقذه فـاستغنى بقوله: { تُنْقِذُ مَنْ فِـي النَّارِ } عن هذا. وكان بعض نـحويـي الكوفة يقول: هذا مـما يراد به استفهام واحد، فـيسبق الاستفهام إلـى غير موضعه، فـيردّ الاستفهام إلـى موضعه الذي هو له. وإنـما الـمعنى والله أعلـم: أفأنت تنقذ من فـي النار من حقَّت علـيه كلـمة العذاب. قال: ومثله من غير الاستفهام: { أَيَعِدُكُمْ أنَّكُمُ إذا مِتُّـمْ وكُنْتُـمْ تُرابـاً وَعِظاماً أنَّكُمْ مُخْرِجُونَ } فردّد «أنكم» مرّتـين. والـمعنى والله أعلـم: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متـم ومثله قوله: { { لا تَـحْسَبنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا ويُحِبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـما لَـمْ يَفْعَلُوا فَلا تَـحْسَبَنَّهُمْ بِـمَفـازَة مِنَ العَذَابِ } }. وكان بعضهم يستـخطىء القول الذي حكيناه عن البصريـين، ويقول: لا تكون فـي قوله: { أَفَأنْتَ تُتْقِذُ مَنْ فِـي النَّارِ } كناية عمن تقدم، لا يقال: القوم ضربت من قام، يقول: الـمعنى: ألتـجرئة أفأنت تُنقذ من فـي النار منهم. وإنـما معنى الكلـمة: أفأنت تهدي يا مـحمد من قد سبق له فـي علـم الله أنه من أهل النار إلـى الإيـمان، فتنقذه من النار بـالإيـمان؟ لست علـى ذلك بقادر.

وقوله: { لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقُوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِـيَّةٌ } يقول تعالـى ذكره: لكن الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه واجتناب مـحارمه، لهم فـي الـجنة غرف من فوقها غرف مبنـية علالـيّ بعضها فوق بعض { تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهارُ } يقول تعالـى ذكره: تـجري من تـحت أشجار جناتها الأنهار. وقوله: { وَعَدَ اللّهُ } يقول جلّ ثناؤه: وعدنا هذه الغرف التـي من فوقها غرف مبنـية فـي الـجنة، هؤلاء الـمتقـين { لا يُخْـلفُ اللّهُ الـمِيعادَ } يقول جلّ ثناؤه: والله لا يخـلفهم وعده، ولكنه يوفـي بوعده.