خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً
٩٥
-النساء

جامع البيان في تفسير القرآن

يعني جلّ ثناؤه بقوله: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِى ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ }: لا يعتدل المتخلفون عن الجهاد في سبيل الله من أهل الإيمان بالله وبرسوله، المؤثرون الدعة والخفض والقعود في منازلهم على مقاساة حزونة الأسفار والسير في الأرض ومشقة ملاقاة أعداء الله بجهادهم في ذات الله وقتالهم في طاعة الله، إلا أهل العذر منهم بذهاب أبصارهم، وغير ذلك من العلل التي لا سبيل لأهلها للضرر الذي بهم إلى قتالهم وجهادهم في سبيل الله والمجاهدون في سبيل الله، ومنهاج دينه، لتكون كلمة الله هي العليا، المستفرغون طاقتهم في قتال أعداء الله وأعداء دينهم بأموالهم، إنفاقاً لها فيما أوهن كيد أعداء أهل الإيمان بالله وبأنفسهم، مباشرة بها قتالهم، بما تكون به كلمة الله العالية، وكلمة الذين كفروا السافلة.

واختلفت القراء في قراءة قوله: { غَيْرَ أُوْلِى ٱلضَّرَرِ }؛ فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة ومكة والشام: «غيرَ أُولي الضَّرَرِ } نصباً، بمعنى: إلا أولي الضرر. وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل العراق والكوفة والبصرة: { غَيْرُ أُوْلِى ٱلضَّرَرِ } برفع «غيرُ» على مذهب النعت للقاعدين.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا: «غيرَ أُولي الضَّرَرِ» بنصب غيرَ، لأن الأخبار متظاهرة بأن قوله: «غَيْرَ أُولي الضَّرَرِ» نزل بعد قوله: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } استثناء من قوله: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ }. ذكر بعض الأخبار الواردة بذلك:

حدثنا نصر بن عليّ الجهضمي، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن البراء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ائْتُونِي بالكَتِفِ وَاللَّوْحِ" ! فَكَتبَ: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ } وعمرو بن أمّ مكتوم خلف ظهره، فقال: هل لي من رخصة يا رسول الله؟ فنزلت: «غَيْرَ أُولي الضَّرَرِ».

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو كبر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: لما نزلت: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } جاء ابن أمّ مكتوم وكان أعمى، فقال: يا رسول الله كيف وأنا أعمى؟ فما برح حتى نزلت: «غَيْرَ أُولي الضَّرَرِ».

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب في قوله: «لا يَسْتَوِي القاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولي الضَّرَرِ» قال: لما نزلت جاء عمرو بن أمّ مكتوم إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان ضرير البصر، فقال: يا رسول الله ما تأمرني، فإني ضرير البصر؟ فأنزل الله هذه الآية، فقال: "ائتُونِي بالكَتفِ والدَّوَاةِ، أوِ اللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ" .

حدثني محمد بن إسماعيل بن إسرائيل الدلال الرملي، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة، قال: ثنا مسعر، عن أبي إسحاق، عن البراء أنه لما نزلت: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } كلمه ابن أمّ مكتوم، فأنزلت: «غَيْرَ أُولي الضَّرَرِ».

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن ابن إسحاق أنه سمع البراء يقول في هذه الآية: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً، فجاء بكتف فكتبها، قال: فشكى إليه ابن أمّ مكتوم ضَرَارَتَهُ، فنزلت: «لا يَسْتَوِي القاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ».

قال شعبة: وأخبرني سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن رجل، عن زيد في هذه الآية: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ } مثل حديث البراء.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان الشيباني، عن ابن إسحاق، عن زيد بن أرقم، قال: لما نزلت: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } جاء ابن أمّ مكتوم، فقال: يا رسول الله مالي رخصة؟ قال: «لا»قال: ابن أمّ مكتوم: اللهمّ إني ضرير فرخِّص! فأنزل الله: «غَيْرَ أُولي الضَّرَرِ»، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبها، يعني الكاتب.

حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ويعقوب بن إبراهيم، قالا: ثنا بشر بن المفضل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن سهل بن سعد، قال: رأيت مروان بن الحكم جالساً، فجئت حتى جلست إليه، فحدثنا عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال: فجاء ابن أمّ مكتوم وهو يمليها عليّ، فقال: يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت! قال: فأنزل عليه وفخذه على فخذي، فثقلت، فظننت أن ترضّ فخذي، ثم سُرِّي عنه، فقال: «غَيْرَ أُولي الضَّرَرِ».

حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن قبيصة ابن ذؤيب، عن زيد بن ثابت، قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "اكْتُبْ: لا يَسْتَوِي القاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُجاهِدونَ فِي سَبِيلِ اللّه" ِ»! فجاء عبد الله بن أمّ مكتوم، فقال: يا رسول الله إني أحبّ الجهاد في سبل الله، ولكن بي من الزمانة ما قد ترى، قد ذهب بصري. قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي حتى خشيت أن يرضها، ثم قال: "اكْتُبْ: لا يَسْتَوِي القاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولي الضَّرَرِ والمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ" .

حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم: أن مقسماً مولى عبد الله بن الحارث أخبره أن ابن عباس أخبره، قال: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } عن بدر والخارجون إلى بدر.

حدثنا القاسم، قال: ثنا حسين، قال: ثني حجاج، قال: أخبرني عبد الكريم أنه سمع مقسماً يحدّث عن ابن عباس أنه سمعه يقول: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } عن بدر والخارجون إلى بدر. لما نزلت غزوة بدر، قال عبد الله بن أم مكتوم وأبو أحمد بن جحش بن قيس الأسدي: يا رسول الله، إننا أعميان، فهل لنا رخصة؟ فنزلت: «لا يَسْتَوِي القاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولي الضَّرَرَ والمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بأمْوَالِهِمْ وأنْفُسهِمْ فَضَّل اللّهُ المُجاهِدِينَ بأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ على القاعِدِينَ دَرَجَةً».

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } فسمع بذلك عبد الله بن أمّ مكتوم الأعمى، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، قد أنزل الله في الجهاد ما قد علمت وأنا رجل ضرير البصر لا أستطيع الجهاد، فهل لي من رخصة عند الله إن قعدت؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أُمِرْتُ فِي شأْنِكَ بِشَيءٍ وَما أدْري هَلْ يَكُونُ لَكَ ولأصحَابِكَ مِنْ رُخْصَةٍ!" فقال ابن أمّ مكتوم: اللهمّ إني أنشدك بصري! فأنزل الله بعد ذلك على رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا يَسْتَوِي القاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولى الضَّرَرِ وَالمُجاهِدُونَ فِي سَبِيل اللّهِ»... إلى قوله: { عَلَى ٱلْقَـٰعِدِينَ دَرَجَةً }.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد، قال: نزلت: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } فقال رجل أعمى: يا نبيّ الله فأنا أحبّ الجهاد ولا أستطيع أن أجاهد! فنزلت: «غَيْرَ أُولي الضَّرَرَ».

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عبد الله بن شداد، قال: لما نزلت هذه الآية في الجهاد: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قال عبد الله بن أمّ مكتوم: يا رسول الله إني ضرير كما ترى! فنزلت: «غَيْرَ أُولي الضَّرَر».

حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِى ٱلضَّرَرِ } عذر الله أهل العذر من الناس، فقال: «غَيْرَ أُولي الضَّرَر» كان منهم ابن أمّ مكتوم، { وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ }.

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدّي: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِى ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ }... إلى قوله: { وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } لما ذكر فضل الجهاد، قال ابن أمّ مكتوم: يا رسول الله إني أعمى ولا أطيق الجهاد! فأنزل الله فيه: «غَيْرَ أُولي الضَّرَر».

حدثني المثنى، قال: ثنا محمد بن عبد الله النفيلي، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن البراء، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ادْعُ لي زَيْداً وَقُلْ لَهُ يَأْتِي ـ أوْ يَجِيـىءُ بالكَتِف والدَّوَاة ـ أو اللَّوْح والدَّواة، الشكّ من زهير اكتب: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ }" فقال ابن أمّ مكتوم: يا رسول الله إن بعينيّ ضرراً! فنزلت قبل أن يبرح «غَيْرَ أُولي الضَّرَر».

حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن رجاء البصري، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بنحوه، إلا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادْعُ لي زَيْداً وَلْيَجِئْني مَعَهُ بِكَتفٍ وَدَوَاةٍ، أو لَوْحٍ وَدَوَاةٍ" .

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن زياد بن فياض، عن أبي عبد الرحمن، قال: لما نزلت: { لاَّ يَسْتَوِى ٱلْقَـٰعِدُونَ } قال عمرو بن أمّ مكتوم: يا ربّ ابتليتني فكيف أصنع؟ قال فنزلت: «غَيْرَ أُولي الضَّرَر».

وكان ابن عباس يقول في معنى: «غَيْرَ أُولي الضَّرَر» نحواً مما قلنا.

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قا: ثني معاوية، عن عليّ عن ابن عباس، قوله: «غَيْرَ أُولي الضَّرَر» قال: أهل الضرر.

القول في تأويل قوله تعالى: { فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَـٰعِدِينَ دَرَجَةً }.

يعني بقوله جلّ ثناؤه: { فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَـٰعِدِينَ دَرَجَةً } فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من أولي الضرر درجة واحدة، يعني فضيلة واحدة، وذلك بفضل جهاد بنفسه، فأما فيما سوى ذلك فهما مستويان. كما:

حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك أنه سمع ابن جريج يقول في: { فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَـٰعِدِينَ دَرَجَةً } قال: على أهل الضرر.

القول في تأويل قوله: { وَكُـلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَـٰعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً }.

يعني بقوله جلّ ثناؤه: { وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ }: وعد الله الكلّ من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم، والقاعدين من أهل الضرر الحسنى. ويعني جلّ ثناؤه بالحسنى: الجنة؛ كما:

حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } وهي الجنة، والله يؤتي كلّ ذي فضل فضله.

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: قال: الحسنى: الجنة.

وأما قوله: { وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَـٰعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً } فإنه يعني: وفضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من غير أولي الضرر أجراً عظيماً. كما:

حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: { وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَـٰعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَـٰتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً } قال: على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر.]