يقول تعالى ذكره:{ اللّهُ الَّذِي أنْزَلَ }هذا{ الكِتابَ } يعني القرآن{ بالحَقّ والمِيزَانِ } يقول: وأنزل الميزان وهو العدل، ليقضي بين الناس بالإنصاف، ويحكم فيهم بحكم الله الذي أمر به في كتابه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنا الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:{ أنْزَلَ الكِتابَ بالحَقّ والمِيزَانَ } قال: العدل.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:{ الَّذِي أنْزَلَ الكِتابَ بالحَقّ والمِيزَان } قال: الميزان: العدل.
وقوله:{ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } يقول تعالى ذكره: وأيّ شيء يدريك ويعلمك، لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريب،{ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها }: يقول: يستعجلك يا محمد بمجيئها الذين لا يوقنون بمجيئها، ظناً منهم أنها غير جائية{ وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا } يقول: والذين صدّقوا بمجيئها، ووعد الله إياهم الحشر فيها، { مشفقون منها }: يقول: وَجِلون من مجيئها، خائفون من قيامها، لأنهم لا يدرون ما الله فاعل بهم فيها{ وَيَعْلَمُونَ أنَّها الحَقُّ } يقول: ويوقنون أن مجيئها الحقّ اليقين، لا يمترون في مجيئها{ ألاَ إنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ } يقول تعالى ذكره: ألا إن الذين يخاصمون في قيام الساعة ويجادلون فيه{ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } يقول: لفي جَور عن طريق الهدى، وزيغ عن سبيل الحقّ والرشاد، بعيد من الصواب.