خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ
٢٠
طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ
٢١
-محمد

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالى ذكره: ويقول الذين صدّقوا الله ورسوله: هلا نزلت سورة من الله تأمرنا بجهاد أعداء الله من الكفار { فإذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ } يعني: أنها محكمة بالبيان والفرائض. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله «فإذَا أُنْزِلَتْ سُورةٌ مُحْدَثَةٌ».

وقوله:{ وَذُكِرَ فِيها القِتالُ } يقول: وذُكر فيها الأمر بقتال المشركين. وكان قتادة يقول في ذلك ما:

حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:{ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزّلَتْ سُورَةٌ فإذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيها القِتالُ } قال: كلّ سورة ذُكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي أشدّ القرآن على المنافقين.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة:{ وَذُكِرَ فِيها القِتالُ } قال: كل سورة ذُكر فيها القتال فهي محكمة.

وقوله:{ رأيْتَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } يقول: رأيت الذين في قلوبهم شك في دين الله وضعف { يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ } يا محمد، { نَظَرَ المَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ }، خوفاً أن تغزيهم وتأمرهم بالجهاد مع المسلمين، فهم خوفاً من ذلك وتجبنا عن لقاء العدوّ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه الذي قد صرع. وإنما عنى بقوله:{ مِنَ المَوْتِ } من خوف الموت، وكان هذا فعل أهل النفاق. كالذي:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:{ يَنْظُرُونَ إلَيْكَ نَظَرَ المَغْشِيّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ } قال: هؤلاء المنافقون طبع الله على قلوبهم، فلا يفقهون ما يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وقوله: { فَأَوْلَى لَهُمْ } يقول تعالى ذكره: فأولى لهؤلاء الذين في قلوبهم مرض.

وقوله: فأوْلَى لَهُمْ وعيد توعَّد الله به هؤلاء المنافقين. كما:

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { فَأَوْلَى لَهُمْ } قال: هذه وعيد، فأولى لهم، ثم انقطع الكلام فقال: { طَاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ }.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:{ فَأَوْلَى لَهُمْ } قال: وعيد كما تسمعون.

وقوله: { طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيل هؤلاء المنافقين من قبل أن تنزل سورة محكمة، ويذكر فيها القتال، وأنهم إذا قيل لهم: إن الله مفترض عليكم الجهاد، قالوا: سمع وطاعة، فقال الله عزّ وجلّ لهم { إذَا أنْزلَتْ سُورَةٌ } وفُرض القتال فيها عليهم، فشقّ ذلك عليهم، وكرهوه { طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } قبل وجوب الفرض عليكم، فإذا عزم الأمر كرهتموه وشقّ عليكم.

وقوله:{ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } مرفوع بمضمر، وهو قولكم قبل نزول فرض القتال { طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ }.

ورُوي عن ابن عباس بإسناد غيرِ مرتضى أنه قال: قال الله تعالى:{ فَأَوْلَى لَهُمْ } ثم قال للذين آمنوا منهم { طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } فعلى هذا القول تمام الوعيد فأولى، ثم يستأنف بعد، فيقال لهم { طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } فتكون الطاعة مرفوعة بقوله: لهم.

وكان مجاهد يقول في ذلك كما:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } قال: أمر الله بذلك المنافقين.

وقوله:{ فإذَا عَزَمَ الأمْرُ } يقول: فإذا وجب القتال وجاء أمر الله بفرض ذلك كرهتموه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فإذَا عَزَمَ الأمْرُ قال: إذا جدّ الأمر، هكذا.

قال: محمد بن عمرو في حديثه، عن أبي عاصم، وقال الحارث في حديثه، عن الحسن يقول: جدّ الأمر.

وقوله:{ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ } يقول تعالى ذكره: فلو صدقوا الله ما وعدوه قبل نزول السورة بالقتال بقولهم: إذ قيل لهم: إن الله سيأمركم بالقتال طاعة، فَوَفَّوا له بذلك، لكان خيراً لهم في عاجل دنياهم، وآجل معادهم. كما:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فإذَا عَزَمَ الأمْرُ } يقول: طواعية الله ورسوله، وقول معروف عند حقائق الأمور خير لهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة يقول: طاعة الله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم.