خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٢
-الأنفال

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: لـيس الـمؤمن بـالذي يخالف الله ورسوله ويترك اتبـاع ما أنزله إلـيه فـي كتابه من حدوده وفرائضه والانقـياد لـحكمه، ولكن الـمؤمن هو الذي إذا ذكر الله وجل قلبه وانقاد لأمره وخضع لذكره خوفـا منه وفَرَقا من عقابه، وإذا قرئت علـيه آيات كتابه صدّق بها وأيقن أنها من عند الله، فـازداد بتصديقه بذلك إلـى تصديقه بـما كان قد بلغه منه قبل ذلك تصديقاً وذلك هو زيادة ما تلـى علـيهم من آيات الله إياهم إيـماناً. { وَعلـى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } يقول: وبـالله يوقنون فـي أنّ قضاءه فـيهم ماض فلا يرجون غيره ولا يرهبون سواه.

وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { إنَّـمَا الـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } قال: الـمنافقون لا يدخـل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون علـى الله، ولا يصلّون إذا غابوا، ولا يؤدّون زكاة أموالهم. فأخبر الله سبحانه أنهم لـيسوا بـمؤمنـين، ثم وصف الـمؤمنـين فقال: { إنَّـمَا الـمُؤْمنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } فأدّوا فرائضه، { وَإذَا تُلِـيَتْ عَلَـيْهِمْ آياتهُ زَادَتْهُمْ إيـمَاناً } يقول: تصديقاً، { وَعلـى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } يقول: لا يرجون غيره.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الله، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثـير، عن مـجاهد: { الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } قال: فرِقت.

قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، عن السديّ: { الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } قال: إذا ذكر الله عند الشيء وجل قلبه.

حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { إنَّـمَا الـمُؤْمِنونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } يقول: إذا ذكر الله وجل قلبه.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله: { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } قال: فَرِقَت.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } فرقت.

قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن سفـيان، قال: سمعت السديّ يقول فـي قوله: { إنَّـمَا الـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } قال: هو الرجل يريد أن يظلـم أو قال: يهمّ بـمعصية أحسبه قال: فـينزع عنه.

حدثنـي الـحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا سفـيان الثوريّ، عن عبد الله بن عثمان بن خثـيـم، عن شهر بن حوشب، عن أبـي الدرداء، فـي قوله: { إنَّـمَا الـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } قال: الوجل فـي القلب كإحراق السعفة، أما تـجد له قُشَعْرِيرَةً؟ قال: بلـى. قال: إذا وجدت ذلك فـي القلب فـادع الله، فإن الدعاء يذهب بذلك.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّـمَا الـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } قال: فرقاً من الله، ووجلاً من الله، وخوفـاً من الله تبـارك وتعالـى.

وأما قوله: { زَادَتْهُمْ إيـمَاناً } فقد ذكرت قول ابن عبـاس فـيه. وقال غيره فـيه، ما:

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: { وَإذَا تُلِـيَتْ عَلَـيْهِمْ آياتُه زَادَتْهُمْ إيـمَاناً } قال: خشية.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَإذَا تُلِلـيَتْ عَلَـيْهِمْ آياتِهُ زَادَتْهُمْ إيـمَاناً وَعلـى رَبهِمْ يَتَوَّكَلُونَ } قال: هذا نعت أهل الإيـمان، فأثبت نعتهم، ووصفَهم فأثبت صفتهم.