يقول تعالى ذكره: الله الذي يأبى إلا إتمام دينه ولو كره ذلك جاحدوه ومنكروه، الذي أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى، يعني: ببيان فرائض الله على خلقه، وجميع اللازم لهم، وبدين الحقّ وهو الإسلام، {لِيُظْهِرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ} يقول: ليعلى الإسلام على الملل كلها، {ولو كَرِهَ المُشْرِكُونَ} بالله ظهوره عليها.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله: {لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ} فقال بعضهم: ذلك عند خروج عيسى حين تصير الملل كلها واحدة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا شقيق، قال: ثني ثابت الحداد أبو المقدام، عن شيخ، عن أبي هريرة في قوله: {لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ} قال: حين خروج عيسىَ ابن مريم.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن فضيل بن مرزوق، قال: ثني من سمع أبا جعفر: {لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ} قال: إذا خرج عيسى عليه السلام اتبعه أهل كل دين.
وقال آخرون: معنى ذلك: ليعلمه شرائع الدين كلها فيطلعه عليها. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: {لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ} قال: ليظهر الله نبيه على أمر الدين كله، فيعطيه إياه كله، ولا يخفى عليه منه شيء. وكان المشركون واليهود يكرهون ذلك.