فإن قلت: ما وجه جمع الخطاب بعد إفراده وهو قوله: { لَكُمْ فَٱعْلَمُواْ } بعد قوله: { قُلْ }؟ قلت: معناه فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كانوا يتحدّونهم، وقد قال في موضع آخر:
{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ } [القصص: 50] ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله:فَإنْ شَئْتُ حَرَّمْتُ النْسَاءَ سِوَاكُمُ
وووجه آخر: وهو أن يكون الخطاب للمشركين، والضمير في { لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ } لمن استطعتم، يعني: فإن لم يستجب لكم من تدعونه من دون الله إلى المظاهرة على معارضته لعلمهم بالعجز عنه وأن طاقتهم أقصر من أن تبلغه { فَٱعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ ٱللَّهِ } أي أنزل ملتبساً بما لا يعلمه إلا الله، من نظم معجز للخلق، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه { و } اعلموا عند ذلك { و أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ } الله وحده، وأن توحيده واجب والإشراك به ظلم عظيم { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } مبايعون بالإسلام بعد هذه الحجة القاطعة، وهذا وجه حسن مطرد. ومن جعل الخطاب للمسلمين فمعناه: فاثبتوا على العلم الذي أنتم عليه، وازدادوا يقيناً وثبات قدم على أنه منزل من عند الله وعلى التوحيد. ومعنى { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } فهل أنتم مخلصون؟