{ لَن يُؤْمِنَ } إقناط من إيمانهم، وأنه كالمحال الذي لا تعلق به للتوقع { إِلاَّ مَنْ قَدْ ءَامَنَ } إلا من قد وجد منه ما كان يتوقع من إيمانه، وقد للتوقع وقد أصابت محزها { فَلاَ تَبْتَئِسْ } فلا تحزن حزن بائس مستكين، قال:
مَا يَقْسِمُ اللَّهُ فَاقْبَلْ غَيْرَ مُبْتَئِس مِنْهُ وَاقْعُدْ كَرِيماً نَاعِمَ الْبَالِ
والمعنى: فلا تحزن بما فعلوه من تكذيبك وإيذائك ومعاداتك، فقد حان وقت الانتقام لك منهم { بِأَعْيُنِنَا } في موضع الحال، بمعنى: اصنعها محفوظاً، وحقيقته: ملتبساً بأعيننا، كأن لله معه أعينا تكلؤه أن يزيغ في صنعته عن الصواب، وأن لا يحول بينه وبين عمله أحد من أعدائه. ووحينا: وأنا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع. عن ابن عباس رضي الله عنه: لم يعلم كيف صنعة الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر { وَلاَ تُخَـٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ولا تدعني في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } إنهم محكوم عليهم بالإغراق، وقد وجب ذلك وقضي به القضاء وجف القلم، فلا سبيل إلى كفه، كقوله: { يإِبْرٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبّكَ وَإِنَّهُمْ اتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } [هود: 76].