{ كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً } متفقين على دين الإسلام { فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيّينَ } يريد: فاختلفوا فبعث الله. وإنما حذف لدلالة قوله: { لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } عليه. وفي قراءة عبد الله: «كان الناس أمّة واحدة فاختلفوا فبعث الله». والدليل عليه قوله عز وعلا
{ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ } [يونس: 19] وقيل: كان الناس أمة واحدة كفارًا، فبعث الله النبيين، فاختلفوا عليهم. والأوّل الوجه. فإن قلت: متى كان الناس أمة واحدة متفقين على الحق؟ قلت: عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون على شريعة من الحق فاختلفوا. وقيل: هم نوح ومن كان معه في السفينة { وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } يريد الجنس، أو مع كل واحد منهم كتابه { لِيَحْكُمَ } الله، أو الكتاب، أو النبيّ المنزل عليه { فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } في الحق ودين الإسلام الذي اختلفوا فيه بعد الٱتفاق { وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ } في الحق { إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ } إلا الذين أوتوا الكتاب المنزل لإزالة الاختلاف، أي ازدادوا في الاختلاف لما أنزل عليهم الكتاب، وجعلوا نزول الكتاب سبباً في شدّة الاختلاف واستحكامه { بَغْياً بَيْنَهُمْ } حسدًا بينهم وظلمًا لحرصهم على الدنيا وقلة إنصاف منهم. و{ مِنَ ٱلْحَقّ } بيان لما اختلفوا فيه، أي فهدى الله الذين آمنوا للحق الذي اختلف فيه من اختلف.