خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً
٥٣
-الفرقان

سمى الماءين الكثيرين الواسعين: بحرين، والفرات: البليغ العذوبة حتى يضرب إلى الحلاوة. والأجاج: نقيضه. ومرجهما: خلاهما متجاورين متلاصقين، وهو بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج. وهذا من عظيم اقتداره. وفي كلام بعضهم: وبحران: أحدهما مع الآخر ممروج، وماء العذب منهما بالأجاج ممزوج { بَرْزَخاً } حائلاً من قدرته، كقوله تعالى: { { بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } [الرعد: 2]، [لقمان: 10] يريد بغير عمد مرئية، وهو قدرته. وقرىء: «ملح» على فعل. وقيل: كأنه حذف من مالح تخفيفاً، كما قال: وصلياناً برداً، يريد: بارداً. فإن قلت: { وَحِجْراً مَّحْجُوراً } ما معناه؟ قلت: هي الكلمة التي يقولها المتعوذ؛ وقد فسرناها، وهي ههنا واقعة على سبيل المجاز، كأن كل واحد من البحرين يتعوّذ من صاحبه ويقول له: حجراً محجوراً، كما قال { { لاَّ يَبْغِيَانِ } [الرحمٰن: 20] أي لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة، فانتفاء البغي ثمة كالتعوذ هٰهنا: جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه، فهو يتعوّذ منه. وهي من أحسن الاستعارات وأشهدها على البلاغة.