خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
٦٥
-النمل

فإن قلت: لم رفع اسم الله، والله يتعالى أن يكون ممن في السموات والأرض؟ قلت: جاء على لغة بني تميم، حيث يقولون: ما في الدار أحد إلا حمار، يريدون: ما فيها إلا حمار، كأن أحداً لم يذكر. ومنه قوله:

عَشِيَّةَ مَا تُغنِي الرِّماحُ مَكَانَهَا وَلاَ النَّبْلُ إلاَّ الْمَشْرَفِيُّ الْمُصَمّمُ

وقولهم: ما أتاني زيد إلا عمرو، وما أعانه إخوانكم إلا إخوانه. فإِن قلت: ما الداعي إلى اختيار المذهب التميمي على الحجازي؟ قلت: دعت إليه نكتة سَرية. حيث أخرج المستثنى مخرج قوله: إلا اليعافير، بعد قوله: ليس بها أنيس، ليؤول المعنى إلى قولك: إن كان الله ممن في السموات والأرض، فهم يعلمون الغيب، يعني: أنّ علمهم الغيب في استحالته كاستحالة أن يكون الله منهم، كما أنّ معنى ما في البيت: إن كانت اليعافير أنيساً ففيها أنيس، بتاً للقول بخلوّها عن الأنيس. فإن قلت: هلا زعمت أنّ الله ممن في السموات والأرض، كما يقول المتكلمون: الله في كل مكان، على معنى أنّ علمه في الأماكن كلها، فكأن ذاته فيها حتى لا تحمله على مذهب بني تميم؟ قلت: يأبى ذلك أن كونه في السموات والأرض مجاز، وكونهم فيهن حقيقة، وإرادة المتكلم بعبارة واحدة حقيقة ومجازاً غير صحيحة، على أنّ قولك: من في السموات والأرض، وجمعك بينه وبينهم في إطلاق اسم واحد: فيه إيهام تسوية، والإيهامات مزالة عنه وعن صفاته تعالى. ألا ترى كيف قال صلى الله عليه وسلم لمن قال:

(800) ومن يعصهما فقد غوى: "بئس خطيب ا لقوم أنت" وعن عائشة رضي الله عنها:

(801) " من زعم أنه يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية" ، والله تعالى يقول: { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ }. وعن بعضهم: أخفى غيبه عن الخلق ولم يطلع عليه أحداً؛ لئلا يأمن أحد من عبيده مكره. وقيل: نزلت في المشركين حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة { أَيَّانَ } بمعنى متى، ولو سمي به: لكان فعالاً، من آن يئين ولا نصرف. وقرىء: «إيان» بكسر الهمزة.