{ فَهُوَ لَكُمْ } جزاء الشرط الذي هو قوله: { مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ } تقديره: أيّ شيء سألتكم من أجر فهو لكم، كقوله تعالى:
{ مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ } [فاطر: 2] وفيه معنيان، أحدهما: نفي مسألة الأجر رأساً، كما يقول الرجل لصاحبه: إن أعطيتني شيئاً فخذه، وهو يعلم أنه لم يعطه شيئاً ولكنه يريد به البت؛ لتعليقه الأخذ بما لم يكن. والثاني: أن يريد بالأجر ما أراد في قوله تعالى: { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبّهِ سَبِيلاً } [الفرقان: 57] وفي قوله: { قُل لاَّ أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } [الشورى: 23] لأنّ اتخاذ السبيل إلى الله نصيبهم وما فيه نفعهم، وكذلك المودّة في القرابة، لأنّ القرابة قد انتظمته وإياهم { عَلَىٰ كُلّ شَىْء شَهِيدٌ } حفيظ مهيمن، يعلم أني لا أطلب الأجر على نصيحتكم ودعائكم إليه إلا منه، ولا أطمع منكم في شيء.