{ لِبُيُوتِهِمْ } بدل اشتمال من قوله: { لِمَن يَكْفُرُ } ويجوز أن يكونا بمنزلة اللامين في قولك: وهبت له ثوباً لقميصه. وقرىء «سقفاً» بفتح السين وسكون القاف. وبضمها وسكون القاف وبضمها: جمع سقف، كرهن ورهن ورهن. وعن الفراء: جمع سقيفة وسقفاً بفتحتين، كأنه لغة في سقف وسقوفاً، ومعارج ومعاريج. والمعارج: جمع معرج، أو اسم جمع لمعراج: وهي المصاعد إلى العلالي { عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } أي على المعارج، يظهرون السطوح يعلونها، فما اسطاعوا أن يظهروه. وسرراً، بفتح الراء لاستثقال الضمتين مع حرفي التضعيف { لَمَّا مَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ } اللام هي الفارقة بين إن المحففة والنافية. وقرىء بكسر اللام، أي: للذي هو متاع الحياة، كقوله تعالى:
{ { مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً } [البقرة: 26] ولما بالتشديد بمعنى إلا، وإن نافية. وقرىء «إلا» وقرىء: وما كل ذلك إلا. لما قال: { { خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ } [الزخرف: 32] فقلل أمر الدنيا وصغرها: أردفه ما يقرّر قلة الدنيا عنده من قوله: { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً } أي: ولولا كراهة أن يجتمعوا على الكفر ويطبقوا عليه، لجعلنا لحقارة زهرة الحياة الدنيا عندنا للكفار سقوفاً ومصاعد وأبواباً وسرراً كلها من فضة وزخرف، وجعلنا لهم زخرفاً، أي: زينة من كل شيء. والزخرف: الزينة والذهب. ويجوز أن يكون الأصل: سقفاً من فضة وزخرف، يعني: بعضها من فضة وبعضها من ذهب، فنصب عطفاً على محل { مِن فِضَّةٍ } وفي معناه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (1003)
"لو وزنت الدنيا عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء" فإن قلت: فحين لم يوسع على الكافرين للفتنة التي كان يؤدّي إليها التوسعة عليهم من إطباق الناس على الكفر لحبهم الدنيا وتهالكهم عليها، فهلا وسع على المسلمين ليطبق الناس على الإسلام؟ قلت: التوسعة عليهم مفسدة أيضاً لما تؤدى إليه من الدخول في الإسلام لأجل الدنيا، والدخول في الدين لأجل الدنيا من دين المنافقين، فكانت الحكمة فيما دبر: حيث جعل في الفريقين أغنياء وفقراء، وغلب الفقر على الغنى.