{ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } لا يخفف ولا ينقص، من قولهم: فترت عنه الحمى إذا سكنت عنه قليلاً ونقص حرّها. والمبلس: اليائس الساكت سكوت يأس من فرج. وعن الضحاك: يجعل المجرم في تابوت في نار ثم يردم عليه فيبقى فيه خالداً: لا يرى ولا يرى { هُمُ } فصل عند البصريين، عماد عند الكوفيين. وقرىء «وهم فيها» أي: في النار وقرأ علي وابن مسعود رضي الله عنهما: «با مال» بحذف الكاف للترخيم، كقول القائل:
وَالْحَقُّ يَا مَالِ غَيْرَ مَا تَصِفُ
وقيل لابن عباس: إن ابن مسعود قرأ «ونادوا يا مال» فقال: ما أشغل أهل النار عن الترخيم وعن بعضهم: حسن الترخيم أنهم يقتطعون بعض الاسم لضعفهم وعظم ما هم فيه. وقرأ أبو السّرار الغنوي «يا مال» بالرفع كما يقال: يا حار { لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } من قضى عليه إذا أماته { { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } [القصص: 15] والمعنى: سل ربك أن يقضي علينا. فإن قلت: كيف قال: { وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ } بعد ما وصفهم بالإبلاس؟ قلت: تلك أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة، فتختلف بهم الأحوال فيسكتون أوقاتاً لغلبة اليأس عليهم، وعلمهم أنه لا فرج لهم، ويغوّثون أوقاتاً لشدّة ما بهم { مَّـٰكِثُونَ } لابثون. وفيه استهزاء. والمراد: خالدون. عن ابن عباس رضي الله عنهما: إنما يجيبهم بعد ألف سنة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم (1008)
"يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب، فيقولون: ادعوا مالكاً، فيدعون يا مالك ليقض علينا ربك" . { لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقِّ } كلام الله عز وجل: بدليل قراءة من قرأ: «لقد جئتكم» ويجب أن يكون في قال ضمير الله عز وجل. لما سألوا مالكاً أن يسأل الله تعالى القضاء عليهم: أجابهم الله بذلك { كَـٰرِهُونَ } لا تقبلونه وتنفرون منه وتشمئزون منه؛ لأنّ مع الباطل الدعة، ومع الحق التعب.