وقرىء «ولقد فتنا» بالتشديد للتأكيد. أو لوقوعه على القوم. ومعنى الفتنة: أنه أمهلهم ووسع عليهم في الرزق؛ فكان ذلك سبباً في ارتكابهم المعاصي واقتراقهم الآثام. أو ابتلاهم بإرسال موسى إليهم ليؤمنوا، فاختاروا الكفر على الإيمان، أو سلبهم ملكهم وأغرقهم { كَرِيمٌ } على الله وعلى عباده المؤمنين. أو كريم في نفسه، لأنّ الله لم يبعث نبياً إلا من سراة قومه وكرامهم { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَىَّ } هي أن المفسرة، لأن مجيء الرسول من بعث إليهم متضمن لمعنى القول لأنه لا يجيئهم إلا مبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله. أو المخففة من الثقيلة ومعناه: وجاءهم بأن الشأن والحديث أدّوا إليّ { عِبَادَ ٱللَّهِ } مفعول به وهم بنو إسرائيل، يقول: أدوهم إليّ وأرسلوهم معي، كقوله تعالى:
{ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرٰئيلَ وَلاَ تُعَذّبْهُمْ } [طه: 47] ويجوز أن يكون نداء لهم على: أدوا إليّ يا عباد الله ما هو واجب لي عليكم من الإيمان لي وقبول دعوتي واتباع سبيلي، وعلل ذلك بأنه { رَسُولٌ أَمِينٌ } غير ظنين قد ائتمنه الله على وحيه ورسالته { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ } أن هذه مثل الأولى في وجهيها، أي: لا تستكبروا { عَلَى ٱللَّهِ } بالاستهانة برسوله ووحيه. أو لا تستكبروا على نبيّ الله { بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } بحجة واضحة { أَن تَرْجُمُونِ } أن تقتلون. وقرىء «عت» بالإدغام. ومعناه أنه عائذ بربه متكل على أنه يعصمه منهم ومن كيدهم، فهو غير مبال بما كانوا يتوعدونهُ به من الرجم والقتل { فَٱعْتَزِلُونِ } يريد: إن لم يؤمن لي فلا موالاة بيني وبين من لا يؤمنوا، فتنحوا عني واقطعوا أسباب الوصلة عني، أي: فخلوني كفافاً لا لي ولا عليّ، ولا تتعرضوا لي بشركم وأذاكم؛ فليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلاحكم ذلك.