{ وَلَوْ تَرَى } جوابه محذوف تقديره. ولو ترى لرأيت أمراً شنيعاً { وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } أروها حتى يعاينوها. أو اطلعوا عليها اطلاعاً هي تحتهم، أو أدخلوها فعرفوا مقدار عذابها من قولك: وقفته على كذا إذا فهمته وعرفته، وقرىء: «وقفوا» على البناء للفاعل، ومن وقف عليه وقوفاً { يَٰلَيْتَنَا نُرَدُّ } تم تمنيهم. ثم ابتدؤا { وَلاَ نُكَذّبَ بِـئَايَـٰتِ رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } واعدين الإيمان، كأنهم قالوا: ونحن لا نكذب ونؤمن على وجه الإثبات. شبهة سيبويه بقولهم: دعني ولا أعود، بمعنى: دعني وأنا لا أعود، تركتني أو لم تتركني. ويجوز أن يكون معطوفاً على نردّ، أو حالاً على معنى: يا ليتنا نرد غير مكذبين وكائنين من المؤمنين، فيدخل تحت حكم التمني. فإن قلت: يدفع ذلك قوله: { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } لأن المتمنّي لا يكون كاذباً. قلت: هذا تمنٍّ قد تضمن معنى العدة، فجاز أن يتعلق به التكذيب، كما يقول الرجل: ليت الله يرزقني مالاً فأحسن إليك وأكافئك على صنيعك، فهذا متمنّ في معنى الواعد، فلو رزق مالاً ولم يحسن إلى صاحبه ولم يكافئه كذب، كأنه قال: إن رزقني الله مالاً كافأتك على الإحسان. وقرىء: «ولا نكذب ونكون» بالنصب بإضمار أن على جواب التمني ومعناه: إن رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } من قبائحهم وفضائحهم في صحفهم وبشهادة جوارحهم عليهم؛ فلذلك تمنوا ما تمنوا ضجراً؛ لا أنهم عازمون على أنهم لو ردّوا لآمنوا. وقيل: هو في المنافقين وأنه يظهر نفاقهم الذي كانوا يسرونه. وقيل: هو في أهل الكتاب وأنه يظهر لهم ما كانوا يخفونه من صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلَوْ رُدُّواْ } إلى الدنيا بعد وقوفهم على النار { لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } من الكفر والمعاصي { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } فيما وعدوا من أنفسهم لا يفون به.