{ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبّهِمْ } مجاز على الحبس للتوبيخ والسؤال، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده ليعاتبه. وقيل: وقفوا على جزاء ربهم. وقيل: عرفوه حق التعريف { قَالَ } مردود على قول قائل قال: ماذا قال لهم ربهم إذ وقفوا عليه؟ فقيل: قال: { أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقّ } وهذا تعيير من الله تعالى لهم على التكذيب. وقولهم - لما كانوا يسمعون من حديث البعث والجزاء -: ما هو بحق وما هو إلا باطل { بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } بكفركم بلقاء الله ببلوغ الآخرة وما يتصل بها. وقد حقق الكلام فيه في مواضع أخر. و { حَتَّىٰ } غاية لكذبوا لا لخسر، لأن خسرانهم لا غاية له. أي ما زال بهم التكذيب إلى حسرتهم وقت مجيء الساعة. فإن قلت: أما يتحسرون عند موتهم؟ قلت: لما كان الموت وقوعاً في أحوال الآخرة ومقدماتها جعل من جنس الساعة وسمي باسمها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(373)
"من مات فقد قامت قيامته" . أو جعل مجيء الساعة بعد الموت لسرعته كالواقع بغير فترة { بَغْتَةً } فجأة وانتصابها على الحال بمعنى باغتة، أو على المصدر كأنه قيل: بغتتهم الساعة بغتة { فَرَّطْنَا فِيهَا } الضمير للحياة الدنيا، جيء بضميرها وإن لم يجر لها ذكر لكونها معلومة، أو للساعة على معنى: قصرنا في شأنها وفي الإيمان بها، كما تقول: فرّطت في فلان. ومنه فرّطت في جنب الله { يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } كقوله: { { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [الشورى: 30] لأنه اعتيد حمل الأثقال على الظهور، كما ألف الكسب بالأيدي{ سَاء مَا يَزِرُونَ } بئس شيئاً يزرون وزرهم، كقوله { { سَاء مَثَلاً ٱلْقَوْمُ } [الأعراف: 177].