{ هُوَ ٱلْقَادِرُ } هو الذي عرفتموه قادراً وهو الكامل القدرة { عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ } كما أمطر على قوم لوط وعلى أصحاب الفيل الحجارة، وأرسل على قوم نوح الطوفان { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } كما أغرق فرعون وخسف بقارون، وقيل من فوقكم: من قبل أكابركم وسلاطينكم. ومن تحت أرجلكم: من قبل سفلتكم وعبيدكم. وقيل: هو حبس المطر والنبات { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } أو يخلطكم فرقاً مختلفين على أهواء شتى، كل فرقة منكم مشايعة لإمام. ومعنى خلطهم: أن ينشب القتال بينهم فيختلطوا ويشتبكوا في ملاحم القتال، من قوله:
وَكَتِيبَةٍ لَبَّسْتُهَا بِكَتِيبَة حَتَّى إذَا الْتَبَسَتْ نَفَضْتُ لَهَا يَدِي
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (378)
"سألت الله أن لا يبعث على أمتي عذاباً من فوقهم أو من تحت أرجلهم فأعطاني ذلك، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني، وأخبرني جبريل أنّ فناء أمتي بالسيف" ، وعن جابر بن عبد الله: (379) لما نزل { مّن فَوْقِكُمْ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أعوذ بوجهك" فلما نزل: { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } قال: "هاتان أهون" ومعنى الآية: الوعيد بأحد أصناف العذاب المعدودة. والضمير في قوله: { وَكَذَّبَ بِهِ } راجع إلى العذاب { وَهُوَ ٱلْحَقُّ } أي لا بدّ أن ينزل بهم { قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } بحفيظ وكُل إليَّ أمركم أمنعكم من التكذيب إجباراً، إنما أنا منذر { لِّكُلِّ نَبَإٍ } لكل شيء ينبأ به، يعني إنباءهم بأنهم يعذبون وإيعادهم به { مُّسْتَقِرٌّ } وقت استقرار وحصول لا بدّ منه. وقيل: الضمير في { نَبَإٍ } للقرآن.