{ قُلْ أَنَدْعُواْ } أنعبد { مِن دُونِ ٱللَّهِ } الضارّ النافع ما لا يقدر على نفعنا ولا مضرتنا { وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِنَا } راجعين إلى الشرك بعد إذ أنقذنا الله منه وهدانا للإسلام { كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَـٰطِينُ } كالذي ذهبت به مردة الجن والغيلان { فِى ٱلأرْضِ } المهمه { حَيْرَانَ } تائهاً ضالاً عن الجادة لا يدري كيف يصنع { لَهُ } أي لهذا المستهوى { أَصْحَـٰبُ } رفقة { يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى } إلى أن يهدوه الطريق المستوي. أو سمي الطريق المستقيم بالهدى، يقولون له { ٱئْتِنَا } وقد اعتسف المهمه تابعاً للجن لا يجيبهم ولا يأتيهم. وهذا مبني على ما تزعمه العرب وتعتقده: أن الجنّ تستهوي الإنسان. والغيلان تستولي عليه، كقوله:
{ كَٱلَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ مِنَ ٱلْمَسّ } [البقرة: 275] فشبه الضالّ عن طريق الإسلام التابع لخطوات الشيطان والمسلمون يدعونه إليه فلا يلتفت إليهم { قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ } وهو الإسلام { هُوَ ٱلْهُدَىٰ } وحده وما وراءه ضلال وغيّ { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا } [آل عمران: 85]. { فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } [يونس: 32]. فإن قلت: فما محل الكاف في قوله: { كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْهُ }؟ قلت النصب على الحال من الضمير في { نُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِنَا } أي: أننكص مشبهين من استهوته الشياطين؟ فإن قلت: ما معنى { ٱسْتَهْوَتْهُ }؟ قلت: هو استفعال، من هوى في الأرض إذا ذهب فيها، كأن معناه: طلبت هويه وحرصت عليه. فإن قلت: ما محل: { أَمْرُنَا } قلت: النصب عطفاً على محل قوله: { إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ } على أنهما مقولان، كأنه قيل: قل هذا القول وقل أمرنا لنسلم. فإن قلت: ما معنى اللام في { لِنُسْلِمَ }؟ قلت: هي تعليل للأمر، بمعنى: أمرنا وقيل لنا أسلموا لأجل أن نسلم. فإن قلت: فإذا كان هذا وارداً في شأن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكيف قيل للرسول عليه الصلاة والسلام قل أندعو؟ قلت: للاتحاد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، خصوصاً بينه وبين الصديق أبي بكر رضي الله تعالى عنه.