خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ
١٢
وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ
١٣
-الروم

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

في ذلك اليوم يتبين إفلاسهم ويتحقق إبلاسهم، والإبلاس يأس مع حيرة، يعني يوم تقوم الساعة يكون للمجرم يأس محير لا يأس هو إحدى الراحتين، وهذا لأن الطمع إذا انقطع باليأس فإذا كان المرجو أمراً غير ضروري يستريح الطامع من الانتظار وإن كان ضرورياً بالإبقاء له بوونه ينفطر فؤاده أشد انفطار، ومثل هذا اليأس هو الإبلاس ولنبين حال المجرم وإبلاسه بمثال، وهو أن نقول مثله مثل من يكون في بستان وحواليه الملاعب والملاهي، ولديه ما يفتخر به ويباهي، فيخبره صادق بمجيء عدو لا يرده راد، ولا يصده صاد، إذا جاءه لا يبلعه ريقاً، ولا يترك له إلى الخلاص طريقاً، فيتحتم عليه الاشتغال بسلوك طريق الخلاص فيقول له طفل أو مجنون إن هذه الشجرة التي أنت تحتها لها من الخواص دفع الأعادي عمن يكون تحتها، فيقبل ذلك الغافل على استيفائه ملاذه معتمداً على الشجرة بقول ذلك الصبـي فيجيئه العدو ويحيط به، فأول ما يريه من الأهوال قلع تلك الشجرة فيبقى متحيراً آيساً، مفتقراً، فكذلك المجرم في دار الدنيا أقبل على استيفاء اللذات وأخبره النبـي الصادق بأن الله يجزيه، ويأتيه عذاب يخزيه، فقال له الشيطان والنفس الأمارة بالسوء إن هذه الأخشاب التي هي الأوثان دافعة عنك كل بأس، وشافعة لك عند خمود الحواس، فاشتغل بما هو فيه واستمر على غيه حتى إذا جاءته الطامة الكبرى فأول ما أرته إلقاء الأصنام في النار فلا يجد إلى الخلاص من طريق، ويحق عليه عذاب الحريق، فييأس حينئذٍ أي إياس ويبلس أشد إبلاس. وإليه الإشارة بقوله تعالى: { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُواْ بِشُرَكَائِهِمْ كَـٰفِرِينَ } يعني يكفرون بهم ذلك اليوم.