خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالُوۤاْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٨
-يس

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

ثم كان جوابهم بعد هذا أنهم قالوا إنا تطيرنا بكم وذلك أنه لما ظهر من الرسل المبالغة في البلاغ ظهر منهم الغلو في التكذيب، فلما قال المرسلون: { { إِنَّا إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ } [يس: 14] قالوا: { { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } [يس: 15] ولما أكد الرسل قولهم باليمين حيث قالوا: { { رَبُّنَا يَعْلَمُ } [يس: 16] أكدوا قولهم بالتطير بهم فكأنهم قالوا في الأول كنتم كاذبين، وفي الثاني صرتم مصرين على الكذب، حالفين مقسمين عليه، و "اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع" فتشاءمنا بكم ثانياً، وفي الأول كما تركتم ففي الثاني لا نترككم لكون الشؤم مدركنا بسببكم فقالوا: { لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } وقوله لنرجمنكم يحتمل وجهين أحدهما: لنشتمنكم منا لرجم بالقول وعلى هذا فقوله: { وَلَيَمَسَّنَّكُمْ } ترق كأنهم قالوا ولا يكتفي بالشتم، بل يؤدي ذلك إلى الضرب والإيلام الحسي وثانيهما: أن يكون المراد الرجم بالحجارة، وحينئذٍ فقوله: { وَلَيَمَسَّنَّكُمْ } بيان للرجم، يعني ولا يكون الرجم رجماً قليلاً نرجمكم بحجر وحجرين، بل نديم ذلك عليكم إلى الموت وهو عذاب أليم، ويكون المراد لنرجمنكم وليمسنكم بسبب الرجم عذاب منا أليم، وقد ذكرنا في الأليم أنه بمعنى المؤلم، والفعيل معنى مفعل قليل، ويحتمل أن يقال هو من باب قوله: { { عَيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [الحاقة: 21] أي ذات رضا، فالعذاب الأليم هو ذو ألم، وحينئذٍ يكون فعيلاً بمعنى فاعل وهو كثير.