خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً
١٠٩
-النساء

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

ثم قال تعالى: { هَـأَنْتُمْ هَـؤُلاء جَـٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَـٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } { ها } للتنبيه في { ها أنتم } و { هَـؤُلاء } وهما مبتدأ وخبر { جَـٰدَلْتُمْ } جملة مبينة لوقوع { أُوْلاء } خبراً، كما تقول لبعض الأسخياء: أنت حاتم تجود بما لك وتؤثر على نفسك، ويجوز أن يكون { أولاء } اسماً موصولاً بمعنى الذي و { جَـٰدَلْتُمْ } صلة، وأما الجدال فهو في اللغة عبارة عن شدة المخاصمة، وجدل الحبل شدة فتلة، ورجل مجدول كأنه فتل، والأجدل الصقر لأنه من أشد الطيور قوة. هذا قول الزجاج. وقال غيره: سميت المخاصمة جدالاً لأن كل واحد من الخصمين يريد ميل صاحبه عما هو عليه وصرفه عن رأيه.

إذا عرفت هذا فنقول: هذا خطاب مع قوم من المؤمنين كانوا يذبون عن طعمة وعن قومه بسبب أنهم كانوا في الظاهر من المسلمين، والمعنى: هبوا أنكم خاصمتم عن طعمة وقومه في الدنيا، فمن الذين يخاصمون عنهم في الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه. وقرأ عبد الله بن مسعود: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنه، يعني عن طعمة، وقوله { فَمَن يُجَـٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ } استفهام بمعنى التوبيخ والتقريع.

ثم قال تعالى: { أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } فقوله: { أَمْ مَّن يَكُونُ } عطف على الاستفهام السابق، والوكيل هو الذي وكل إليه الأمر في الحفظ والحماية، والمعنى: من الذي يكون محافظاً ومحامياً لهم من عذاب الله؟

وأعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد في هذا الباب أتبعه بالدعوة إلى التوبة، وذكر فيه ثلاثة أنواع من الترغيب فالأول: