خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً
١٥٦
-النساء

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وخامسها: قوله: { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَـٰناً عَظِيماً }.

اعلم أنهم لما نسبوا مريم إلى الزنا لإنكارهم قدرة الله تعالى على خلق الولد من دون الأب ومنكر قدرة الله على ذلك كافر لأنه يلزمه أن يقول: كل ولد ولد فهو مسبوق بوالد لا إلى أول، وذلك يوجب القول بقدم العالم والدهر، والقدح في وجود الصانع المختار، فالقوم لا شك أنهم أولاً: أنكروا قدرة الله تعالى على خلق الولد من دون الأب، وثانياً: نسبوا مريم إلى الزنا، فالمراد بقوله { وَبِكُفْرِهِمْ } هو إنكارهم قدرة الله تعالى، وبقوله { وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَـٰناً عَظِيماً } نسبتهم إياها إلى الزنا، ولما حصل التغير لا جرم حسن العطف، وإنما صار هذا الطعن بهتاناً عظيماً لأنه ظهر عند ولادة عيسى عليه السلام من الكرامات والمعجزات ما دلّ على براءتها من كل عيب، نحو قوله { { وَهُزّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَـٰقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } [مريم: 25] ونحو كلام عيسى عليه السلام حال كونه طفلاً منفصلاً عن أمه، فإن كل ذلك دلائل قاطعة على براءة مريم عليها السلام من كل ريبة، فلا جرم وصف الله تعالى طعن اليهود فيها بأنه بهتان عظيم، وكذلك وصف طعن المنافقين في عائشة بأنه بهتان عظيم حيث قال: { { سُبْحَـٰنَكَ هَـٰذَا بُهْتَـٰنٌ عَظِيمٌ } [النور: 16] وذلك يدل على أن الروافض الذين يطعنون في عائشة بمنزلة اليهود الذين يطعنون في مريم عليها السلام.