خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
٦٣
إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ
٦٤
فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ
٦٥
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٦٦
-الزخرف

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

اعلم أنه تعالى ذكر أنه لما جاء عيسى بالمعجزات وبالشرائع البينات الواضحات { قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } وهي معرفة ذات الله وصفاته وأفعاله { وَلابَيّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } يعني أن قوم موسى كانوا قد اختلفوا في أشياء من أحكام التكاليف واتفقوا على أشياء فجاء عيسى ليبين لهم الحق في تلك المسائل الخلافية، وبالجملة فالحكمة معناها أصول الدين و{ بعض الذي تختلفون فيه } معناه فروع الدين، فإن قيل لم لم يبين لهم كل الذي يختلفون فيه؟ قلنا لأن الناس قد يختلفون في أشياء لا حاجة بهم إلى معرفتها، فلا يجب على الرسول بيانها، ولما بين الأصول والفروع قال: { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في الكفر به والإعراض عن دينه { وَأَطِيعُونِ } فيما أبلغه إليكم من التكاليف { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } والمعنى ظاهر { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ } أي الفرق المتحزبة بعد عيسى وهم الملكانية واليعقوبية والنسطورية، وقيل اليهود والنصارى { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } وهو وعيد بيوم الأحزاب، فإن قيل قوله { مِن بَيْنِهِمْ } الضمير فيه إلى من يرجع؟ قلنا إلى الذين خاطبهم عيسى في قوله { قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } وهم قومه.

ثم قال: { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } فقوله أن تأتيهم بدل من الساعة والمعنى هل ينظرون إلا إتيان الساعة. فإن قالوا قوله { بَغْتَةً } يفيد عين ما يفيده قوله { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } فما الفائدة فيه؟ قلنا يجوز أن تأتيهم بغتة وهم يعرفونه بسبب أنهم يشاهدونه.