ثم أنه تعالى فسّر المعصية والاعتداء بقوله
{ كَانُواْ لاَ يَتَنَـٰهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ } وللتناهي هٰهنا معنيان: أحدهما: وهو الذي عليه الجمهور أنه تفاعل من النهي، أي كانوا لا ينهى بعضهم بعضاً، روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"من رضي عمل قوم فهو منهم ومن كثر سواد قوم فهو منهم" . والمعنى الثاني في التناهي: أنه بمعنى الانتهاء. يقال: انتهى عن الأمر، وتناهى عنه إذا كف عنه.
ثم قال تعالى: { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } اللام في { لَبِئْسَ } لام القسم، كأنه قال: أقسم لبئس ما كانوا يفعلون، وهو ارتكاب المعاصي والعدوان، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فإن قيل: الانتهاء عن الشيء بعد أن صار مفعولاً غير ممكن فلم ذمهم عليه؟
قلنا: الجواب عنه من وجوه: الأول: أن يكون المراد لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه الثاني: لا يتناهون عن منكر أرادوا فعله وأحضروا آلاته وأدواته. الثالث: لا يتناهون عن الاصرار على منكر فعلوه.