قوله تعالىٰ: { إَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } «يرجون» يخافون؛ ومنه قول الشاعر:
إذا لسعتْه النحل لم يَرْجُ لَسْعَهاوخالفها في بَيْت نُوبٍ عواسل
وقيل يرجون يطمعون؛ ومنه قول الآخر:أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتيوقومي تميمٌ والفلاةُ ورائيا
فالرجاء يكون بمعنىٰ الخوف والطمع؛ أي لا يخافون عقاباً ولا يرجون ثواباً. وجعل لقاء العذاب والثواب لقاء لله تفخيماً لهما. وقيل: يجري اللقاء على ظاهره، وهو الرؤية؛ أي لا يطمعون في رؤيتنا. وقال بعض العلماء: لا يقع الرجاء بمعنى الخوف إلا مع الجَحْد؛ كقوله تعالىٰ: { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [نوح: 13]. وقال بعضهم: بل يقع بمعناه في كل موضع دلّ عليه المعنىٰ. قوله تعالىٰ: { وَرَضُواْ بِٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا } أي رَضُوا بها عوضاً من الآخرة فعملوا لها. { وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا } أي فرحوا بها وسكنوا إليها، وأصل ٱطمأن طأمن طُمأنينة، فقدّمت ميمه وزيدت نون وألف وصل، ذكره الغَزْنوِيّ. { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا } أي عن أدلتنا { غَافِلُونَ } لا يعتبرون ولا يتفكرون. { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ } أي مثواهم ومقامهم. { ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي من الكفر والتكذيب.