خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ
٥٣
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٥٤
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٥٥
-النحل

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ } قال الفراء. «ما» بمعنى الجزاء. والباء في «بكم» متعلقة بفعل مضمر، تقديره: وما يكن بكم. { مِّن نِّعْمَةٍ } أي صحة جسم وَسَعة رزق وولد فمن الله. وقيل: المعنى وما بكم من نعمة فمن الله هي. { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ } أي السّقم والبلاء والقَحْط. { فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } أي تضجون بالدعاء. يقال: جَأر يَجْأَر جُؤاراً. والجُؤار مثل الخُوار؛ يقال: جأر الثور يجأر، أي صاح. وقرأ بعضهم «عجْلاً جسَداً لَهُ جُؤَارٌ»؛ حكاه الأخفش. وجأر الرجل إلى الله، أي تضرّع بالدعاء. وقال الأعشى يصف بقرة:

فطافت ثلاثاً بين يوم وليلةوكان النكير أن تُضِيف وتجأرا

{ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ } أي البلاء والسقم. { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } بعد إزالة البلاء وبعد الجؤار. فمعنى الكلام التعجيب من الإشراك بعد النجاة من الهلاك، وهذا المعنى مكرر في القرآن، وقد تقدّم في «الأنعام ويونس»، ويأتي في «سبحان» وغيرها. وقال الزجاج: هذا خاص بمن كفر. { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ } أي ليجحدوا نعمة الله التي أنعم بها عليهم من كشف الضر والبلاء. أي أشركوا ليجحدوا، فاللام لام كَيّ. وقيل لام العاقبة. وقيل: «لِيَكْفُرُوا بما آتَيْنَاهُم» أي ليجعلوا النعمة سبباً للكفر، وكل هذا فعل خبيث؛ كما قال:

والكفـرُ مَخْبَثَـةٌ لنـفس المُنْـعِم

{ فَتَمَتَّعُواْ } أمر تهديد. وقرأ عبد الله «قل تمتعوا». { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي عاقبة أمركم.