خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
٦١
-النحل

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ } أي بكفرهم وافترائهم، وعاجَلهم. { مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا } أي على الأرض فهو كناية عن غير مذكور، لكن دل عليه قوله: { مِن دَآبَّةٍ } فإن الدابة لا تَدِبّ إلا على الأرض. والمعنى المراد من دابة كافرة، فهو خاص. وقيل: المعنى أنه لو أهلك الآباء بكفرهم لم تكن الأبناء. وقيل: المراد بالآية العموم؛ أي لو آخذ الله الخلق بما كسبوا ما ترك على ظهر هذه الأرض من دابة من نبيّ ولا غيره؛ وهذا قول الحسن. وقال ابن مسعود وقرأ هذه الآية: لو آخذ الله الخلائق بذنوب المذنبين لأصاب العذابُ جميع الخلق حتى الجِعْلان في جُحْرها، ولأمسك الأمطار من السماء والنبات من الأرض فمات الدواب، ولكن الله يأخذ بالعفو والفضل؛ كما قال: { { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } . { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } أي أجل موتهم ومنتهى أعمارهم. { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } وقد تقدّم. فإن قيل: كيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمناً ليس بظالم؟ قيل: يجعل هلاك الظالم انتقاماً وجزاء، وهلاك المؤمن معوَّضاً بثواب الآخرة. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بُعثوا على نياتهم" . "وعن أم سَلمة وسئلت عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعوذ بالبيت عائذ فيُبعث إليه بَعْث فإذا كانوا ببَيْداء من الأرض خُسِف بهم فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارهاً؟ قال: يخسَف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته" . وقد أتينا على هذا المعنى مُجَوَّداً في (كتاب التذكرة) وتقدم في «المائدة» وآخر «الأنعام» ما فيه كفاية، والحمد لله. وقيل: «فإذا جاء أجلهم» أي فإذا جاء يوم القيامة. والله أعلم.