خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ
١٠١
لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ
١٠٢
لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
١٠٣
-الأنبياء

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } أي الجنة { أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا } أي عن النار { مُبْعَدُونَ } فمعنى الكلام الاستثناء؛ ولهذا قال بعض أهل العلم: «إن» هاهنا بمعنى «إلا» وليس في القرآن غيره. وقال محمد بن حاطب: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقرأ هذه الآية على المنبر { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } فقال سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إن عثمان منهم».

قوله تعالى: { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا } أي حسّ النار وحركة لهبها. والحسيس والحسّ الحركة. وروى ابن جريج عن عطاء قال: قال أبو راشد الحَروريّ لابن عباس: { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا } فقال ابن عباس أمجنون أنت؟ فأين قوله تعالى: { { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [مريم: 71] وقوله تعالى: { { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } [هود: 98] وقوله: { { إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } [مريم: 86]. ولقد كان من دعاء من مضى: اللهم أخرجني من النار سالماً، وأدخلني الجنة فائزاً. وقال أبو عثمان النهدي: على الصراط حيات تلسع أهل النار فيقولون: حَسّ حَسّ. وقيل: إذا دخل أهل الجنة الجنة لم يسمعوا حسّ أهل النار وقبل ذلك يسمعون؛ فالله أعلم. { وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } أي دائمون وهم فيما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين. وقال: { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِىۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ }.

قوله تعالى: { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } وقرأ أبو جعفر وابن محيصن «لاَ يُحْزِنُهُمْ» بضم الياء وكسر الزاي. الباقون بفتح الياء وضم الزاي. قال اليزيدي: حزنه لغة قريش، وأحزنه لغة تميم، وقد قرىء بهما. والفزع الأكبر أهوال يوم القيامة والبعث؛ عن ابن عباس. وقال الحسن: هو وقت يؤمر بالعباد إلى النار. وقال ابن جريج وسعيد بن جبير والضحاك: هو إذا أطبقت النار على أهلها، وذبح الموت بين الجنة والنار. وقال ذو النون المصري: هو القطيعة والفراق. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يوم القيامة في كثيب من المسك الأذفر ولا يحزنهم الفزع الأكبر رجل أمَّ قوماً محتسباً وهم له راضون ورجل أذَّن لقوم محتسباً ورجل ابتلي برق في الدنيا فلم يشغله عن طاعة ربه" . وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: مررت برجل يضرب غلاماً له، فأشار إليّ الغلام، فكلمت مولاه حتى عفا عنه؛ فلقيت أبا سعيد الخدري فأخبرته، فقال: يا ابن أخي! «من أغاث مكروباً أعتقه الله من النار يوم الفزع الأكبر» سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. { وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } أي تستقبلهم الملائكة على أبواب الجنة يهنئونهم ويقولون لهم: { هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }. وقيل: تستقبلهم ملائكة الرحمة عند خروجهم من القبور. عن ابن عباس: { هَـٰذَا يَوْمُكُمُ } أي ويقولون لهم؛ فحذف. { ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } فيه الكرامة.