خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ
١٩
يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ
٢٠
أَمِ ٱتَّخَذُوۤاْ آلِهَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ
٢١
-الأنبياء

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أي ملكاً وخلقاً فكيف يجوز أن يشرك به ما هو عبده وخلقه. { وَمَنْ عِنْدَهُ } يعني الملائكة الذين ذكرتم أنهم بنات الله. { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي لا يأنفون { عَنْ عِبَادَتِهِ } والتذلل له. { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } أي يعيون؛ قاله قتادة. مأخوذ من الحسير وهو البعير المنقطع بالإعياء والتعب، (يقال): حسر البعير يحسِر حُسوراً أعيا وكَلّ، واستحسر وتحسر مثله، وحسرته أنا حسراً يتعدى ولا يتعدى، وأحسرته أيضاً فهو حسير. وقال ابن زيد: لا يملون. ابن عباس: لا يستنكفون. وقال أبو زيد: لا يكلّون. وقيل: لا يفشلون؛ ذكره ابن الأعرابي؛ والمعنى واحد. { يُسَبِّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } أي يصلون ويذكرون الله وينزهونه دائما. { لاَ يَفْتُرُونَ } أي لا يضعفون ولا يسأمون، يلهمون التسبيح والتقديس كما يلهمون النَّفَس. قال عبد الله بن الحرث سألت كعباً فقلت: أما لهم شغل عن التسبيح؟ أما يشغلهم عنه شيء؟ فقال: من هذا؟ فقلت: من بني عبد المطلب؛ فضمني إليه وقال: يا ابن أخي هل يشغلك شيء عن النفس؟! إن التسبيح لهم بمنزلة النَّفَس. وقد استدل بهذه الآية من قال: إن الملائكة أفضل من بني آدم. وقد تقدّم والحمد لله.

قوله تعالى: { أَمِ ٱتَّخَذُوۤاْ آلِهَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ } قال المفضل: مقصود هذا الاستفهام الجحد، أي لم يتخذوا آلهة تقدر على الإحياء. وقيل: «أم» بمعنى «هل» أي هل اتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض يحيون الموتى. ولا تكون «أم» هنا بمعنى بل؛ لأن ذلك يوجب لهم إنشاء الموتى إلا أن تقدر «أم» مع الاستفهام فتكون «أم» المنقطعة فيصح المعنى؛ قاله المبرد. وقيل: «أم» عطف على المعنى أي أفخلقنا السماء والأرض لعباً، أم هذا الذي أضافوه إلينا من عندنا فيكون لهم موضع شبهة؟ أو هل ما اتخذوه من الآلهة في الأرض يحيي الموتى فيكون موضع شبهة؟. وقيل: { { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [الأنبياء: 10] ثم عطف عليه بالمعاتبة، وعلى هذين التأويلين تكون «أم» متصلة. وقرأ الجمهور «يُنْشِرُونَ» بضم الياء وكسر الشين من أنشر الله الميت فنُشِر أي أحياه فحيـي. وقرأ الحسن بفتح الياء؛ أي يحيون ولا يموتون.