خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ
٢٦
-الحج

الجامع لاحكام القرآن

فيه مسألتان:

الأولى: قوله تعالى: { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ } أي واذكر إذ بوّأنا لإبراهيم؛ يقال: بوّأته منزلاً وبوّأت له. كما يقال: مكّنتك ومكّنت لك؛ فاللام في قوله: «لإبراهِيمَ» صلة للتأكيد؛ كقوله: { { رَدِفَ لَكُم } [النمل: 72]، وهذا قول الفراء. وقيل: «بوّأنا لإبراهيم مكان البيت» أي أرَيناه أصله ليَبْنِيَه، وكان قد دَرَس بالطوفان وغيره، فلما جاءت مدّة إبراهيم عليه السلام أمره الله ببنيانه، فجاء إلى موضعه وجعل يطلب أثراً، فبعث الله ريحاً فكشفت عن أساس آدم عليه السلام، فرتّب قواعده عليه؛ حسبما تقدم بيانه في «البقرة». وقيل: «بوّأنا» نازلة منزلة فعل يتعدّى باللام؛ كنحو جعلنا، أي جعلنا لإبراهيم مكان البيت مُبَوَّأً. وقال الشاعر:

كم من أخ لي ماجدبوّأته بيديّ لَحْداً

الثانية: { أَن لاَّ تُشْرِكْ } هي مخاطبة لإبراهيم عليه السلام في قول الجمهور. وقرأ عكرمة «أن لا يُشْرِك» بالياء، على نقل معنى القول الذي قيل له. قال أبو حاتم: ولا بدّ من نصب الكاف على هذه القراءة، بمعنى لئلا يشرك. وقيل: إن «أن» مخففة من الثقيلة. وقيل مفسرة. وقيل: زائدة؛ مثل { { فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ } [يوسف: 96]. وفي الآية طعن على من أشرك من قُطّان البيت؛ أي هذا كان الشرط على أبيكم فمَن بعده وأنتم، فلم تَفُوا بل أشركتم. وقالت فرقة: الخطاب من قوله: «أن لا تشرك» لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ وأمر بتطهير البيت والأذان بالحج. والجمهور على أن ذلك لإبراهيم؛ وهوالأصح. وتطهير البيت عام في الكفر والبدع وجميع الأنجاس والدماء. وقيل: عنى به التطهير عن الأوثان؛ كما قال تعالى: { { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } [الحج: 30]؛ وذلك أن جُرْهُماً والعمالقة كانت لهم أصنام في محل البيت وحوله قبل أن يبنيه إبراهيم عليه السلام. وقيل: المعنى نزّه بيتي عن أن يعبد فيه صنم. وهذا أمر بإظهار التوحيد فيه. وقد مضى ما للعلماء في تنزيه المسجد الحرام وغيره من المساجد بما فيه كفاية في سورة «براءة». والقائمون هم المصلون. وذكر تعالى من أركان الصلاة أعظمها، وهو القيام والركوع والسجود.