خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ
٦٣
-الحج

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً } دليل على كمال قدرته؛ أي من قَدَر على هذا قَدَر على إعادة الحياة بعد الموت؛ كما قال الله عز وجل: { { فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } [فصلت: 39]. ومثله كثير. «فتُصبِحُ» ليس بجواب فيكون منصوباً، وإنما هو خبر عند الخليل وسيبويه. قال الخليل: المعنى انْتَبِه! أنزل الله من السماء ماء فكان كذا وكذا؛ كما قال:

ألم تسأل الرَّبْع القَوَاء فيَنْطِقُوهل تُخْبِرَنْكَ اليوم بَيْدَاءُ سَمْلَقُ

معناه قد سألته فنطق. وقيل استفهام تحقيق؛ أي قد رأيت، فتأمل كيف تصبح! أو عطف لأن المعنى ألم تر أن الله ينزل. وقال الفراء: «ألم تر» خبر؛ كما تقول في الكلام: اِعلم أن الله عز وجل ينزل من السماء ماء. { فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً } أي ذات خضرة؛ كما تقول: مُبْقِلة ومُسْبِعَة؛ أي ذات بقل وسباع. وهو عبارة عن استعجالها إثر نزول الماء بالنبات واستمرارها كذلك عادة. قال ابن عطية: وروي عن عكرمة أنه قال: هذا لا يكون إلا بمكة وتِهامة. ومعنى هذا: أنه أخذ قوله: «فتصبِح» مقصوداً به صباح ليلة المطر، وذهب إلى أن ذلك الاخضرار يتأخر في سائر البلاد، وقد شاهدت هذا بسُوسِ الأقصى نزل المطر ليلاً بعد قحط أصبحت تلك الأرض الرملة التي نسفتها الرياح قد اخضرت بنبات ضعيف رقيق. { إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } قال ابن عباس: «خبير» بما ينطوي عليه العبد من القنوط عند تأخير المطر. «لطيف» بأرزاق عباده. وقيل: لطيف باستخراج النبات من الأرض، خبير بحاجتهم وفاقتهم.