خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ
٢١
وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
٢٢
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٢٣
فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ
٢٤
إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ
٢٥
قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
٢٦
فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ
٢٧
-المؤمنون

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } تقدّم القول فيهما في «النحل» والحمد لله. وفي هود قصة السفينة ونوح، وركوب البحر في غير موضع.

قوله تعالى: { وَعَلَيْهَا } أي وعلى الأنعام في البر. { وَعَلَى ٱلْفُلْكِ } في البحر. { تُحْمَلُونَ } وإنما يحمل في البر على الإبل فيجوز أن ترجع الكناية إلى بعض الأنعام. وروي أن رجلاً ركب بقرة في الزمان الأوّل فأنطقها الله تعالى معه فقالت: إنا لم نخلق لهذاٰ وإنما خلقت للحرث.

قوله تعالى: { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } قرىء بالخفض ردًّا على اللفظ، وبالرفع رداً على المعنى. وقد مضى في «الأعراف».

قوله تعالى: { مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } أي يسودكم ويشرُف عليكم بأن يكون متبوعاً ونحن له تبع. { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } أي لو شاء الله ألاّ يعبد شيء سواه لجعل رسوله مَلَكاً. { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } أي بمثل دعوته. وقيل: ما سمعنا بمثله بشراً؛ أتى برسالة ربه. { فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } أي في الأمم الماضية؛ قاله ابن عباس. والباء في «بهذا» زائدة؛ أي ما سمعنا هذا كائناً في آبائنا الأوّلين، ثم عطف بعضهم على بعض فقالوا: { إِنْ هُوَ } يعنون نوحاً { إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } أي جنون لا يدري ما يقول. { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } أي انتظروا موته. وقيل: حتى يستبين جنونه. وقال الفراء: ليس يراد بالحين هاهنا وقت بعينه، إنما هو كقوله: دعه إلى يومٍ مّا. فقال حين تمادوْا على كفرهم: { رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } أي انتقم ممن لم يطعني ولم يسمع رسالتي. { فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ } أي أرسلنا إليه رسلاً من السماء { أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ } على ما تقدّم بيانه.

قوله تعالى: { فَٱسْلُكْ فِيهَا } أي أدخل فيها واجعل فيها؛ يقال: سلكته في كذا وأسلكته فيه إذا أدخلته. قال عبد مناف بن رِبْع الهُذَلِيّ:

حتى إذا أسلكوهم في قُتائدةٍشَلاًّ كما تَطْرد الجَمَّالةُ الشُّرُدا

{ مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } قرأ حفص «مِن كلٍّ» بالتنوين، الباقون بالإضافة؛ وقد ذكر. وقال الحسن: لم يحمل نوح في السفينة إلا ما يلد ويبيض، فأما البق والذباب والدود فلم يحمل شيئاً منها، وإنما خرج من الطين. وقد مضى القول في السفينة والكلام فيها مستوفًى، والحمد لله.