قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} أعاد هذا الضمير لاختلاف الحالين، ينادون مرة فيقال لهم: {أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} فيدعون الأصنام فلا يستجيبون، فتظهر حيرتهم، ثم ينادون مرة أخرى فيسكتون. وهو توبيخ وزيادة خزي. والمناداة هنا ليست من الله؟ لأن الله تعالى لا يكلم الكفار لقوله تعالى:
{ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [البقرة: 174] لكنه تعالى يأمر مَن يوبخهم ويبكتهم، ويقيم الحجة عليهم في مقام الحساب. وقيل: يحتمل أن يكون من الله وقوله: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} حين يقال لهم { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108] وقال: {شُرَكَائِيَ} لأنهم جعلوا لهم نصيباً من أموالهم. قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً} أي نبياً؛ عن مجاهد. وقيل: هم عدول الآخرة يشهدون على العباد بأعمالهم في الدنيا. والأوّل أظهر؛ لقوله تعالى:
{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [النساء: 41] وشهيد كل أمة رسولها الذي يشهد عليها. والشهيد الحاضر. أي أحضرنا رسولهم المبعوث إليهم. {فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} أي حجتكم. {فَعَلِمُوۤاْ أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ} أي علموا صدق ما جاءت به الأنبياء. {وَضَلَّ عَنْهُمْ} أي ذهب عنهم وبطل. {مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} أي يختلقونه من الكذب على الله تعالى من أن معه آلهة تعبد.