خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠
-آل عمران

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } أي جادلوك بالأقاويل المزوّرة والمغالطات، فأسْنِدْ أمرك إلى ما كُلِّفت من الإيمان والتبليغ وعلى الله نصرك. وقوله «وَجْهي» بمعنى ذاتْي؛ ومنه الحديث "سجد وجهي للذي خلقه وصوّره" . وقيل: الوجه هنا بمعنى القصد؛ كما تقول: خرج فلان في وجه كذا. وقد تقدّم هذا المعنى في البقرة مستوفى؛ والأوّل أولى. وعبر بالوجه عن سائر الذات إذ هو أشرف أعضاء الشخص وأجمعها للحواس. وقال:

أسلمتُ وجْهي لمن أسلمتْ له المُزْنُ تحمل عَذْباً زُلاَلاَ

وقد قال حذاق المتكلمين في قوله تعالى: { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } } [الرحمن: 27] إنها عبارة عن الذات، وقيل: العمل الذي يقصد به وجهه. وقوله: { ومَنِ ٱتَّبَعَنِ } «مَن» في محل رفع عطفا على التاء في قوله «أَسْلَمْتُ» أي ومِن ٱتبعن أسلم أيضا، وجاز العطف على الضمير المرفوع من غير تأكيد للفصل بينهما. وأثبت نافع وأبو عمرو ويعقوب ياء «ٱتْبَعنِ» على الأصل، وحذف الآخرون ٱتباعا للمصحف إذ وقعت فيه بغير ياء. وقال الشاعر:

ليس تُخفى يَسارتي قدَر يومولقد تُخْف شيمتي إعساري

قوله تعالى: { وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } يعني اليهود والنصارى «والأُميين» الذين لا كتاب لهم وهم مشركو العرب. «أَأَسْلَمْتُمْ» ٱستفهام معناه التقرير وفي ضمنه الأمر، أي أسلموا؛ كذا قال الطبري وغيره. وقال الزجاج: «أَأَسلمتم» تهديد. وهذا حسن، لأن المعنى أَأَسلمتم أم لا. وجاءت العبارة في قوله «فَقَدِ ٱهْتَدوا» بالماضي مبالغة في الإخبار بوقوع الهدى لهم وتحصيله. و «البلاغ» مصدر بلغ بتخفيف عين الفعل، أي إنما عليك أن تُبلغَّ. وقيل: إنه مما نسخ بالجهاد. وقال ٱبن عطية: وهذا يحتاج إلى معرفة تاريخ نزولها؛ وأمّا على ظاهر نزول هذه الآيات في وَفْد نجران فإنما المعنى فإنما عليك أن تبلغ ما أُنزِل إليك بما فيه من قتال وغيره.