خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
غُلِبَتِ ٱلرُّومُ
٢
فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ
٣
فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ
٤
بِنَصْرِ ٱللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
٥
-الروم

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ } روى الترمذِيّ عن أبي سعيد الخُدْريّ قال:

لما كان يوم بدرٍ ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك الْمُوْمِنِينَ فنزلت: { الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ } ـ إلى قوله ـ { يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ ٱللَّهِ }. قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس. قال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. هكذ قرأ نصر بن عليّ الجَهْضَمِيّ «غَلَبَتِ الرُّومُ». ورواه أيضاً من حديث ابن عباس بأتمّ منه: قال ابن عباس في قول الله عز وجل: { الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ } قال: غَلَبَتِ وغُلِبَتِ، قال: "كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب؛ فذكروه لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما إنهم سيغلِبون فذكره أبو بكر لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا كان لنا كذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا فجعل أجل خمس سنين، فلم يظهروا؛ فذكر ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ألا جعلته إلى دون" ـ أراه قال العشر ـ قال: قال أبو سعيد: والبِضع ما دون العشرة. قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذلك قوله: { الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ } ـ إلى قوله ـ { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ ٱللَّهِ }. قال سفيان: سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. ورواه أيضاً عن نِيَار بن مُكْرَم الأسْلَمِيّ قال: لما نزلت: { الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ } وكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لأنهم وإياهم أهل كتاب، وفي ذلك نزل قول الله تعالى: { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ ٱللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } وكانت قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمانٍ ببعثٍ، فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصِيح في نواحي مكة: { الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ }. قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين! أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى. وذلك قبل تحريم الرِّهان، فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرّهان. وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البِضع؟ ثلاث سنين إلىٰ تسع سنين؟ فَسمِّ بيننا وبينك وسطاً تنتهي إليه؛ قال فسَمَّوا بينهم ستّ سنين؛ قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين، قال: لأن الله تعالى قال: { فِي بِضْعِ سِنِينَ } قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. وروى القُشَيْرِيّ وابن عطية وغيرهما: أنه لما نزلت الآيات خرج أبو بكر بها إلى المشركين فقال: أسرّكم أن غَلبت الروم؟ فإن نبيّنا أخبرنا عن الله تعالى أنهم سيغلِبون في بضع سنين. فقال له أبيّ بن خلف وأُميّة أخوه ـ وقيل أبو سفيان بن حرب ـ: يا أبا فَصِيل! ـ يعرّضون بكنيته «يا أبا بكر» ـ فْلَنَتَنَاحَبْ ـ أي نتراهن في ذلك فراهنهم أبو بكر. قال قتادة: وذلك قبل أن يحرم القمار، وجعلوا الرّهان خمس قلائص والأجل ثلاث سنين. وقيل: جعلوا الرهان ثلاث قلائص. ثم أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: "فهلا احتطت، فإن البِضع ما بين الثلاث والتسع والعشر! ولكن ارجع فزدهم في الرهان واستزدهم في الأجل" ففعل أبو بكر، فجعلوا القلائص مائة والأجل تسعة أعوام؛ فغلبت الروم في أثناء الأجل. وقال الشعبيّ: فظهروا في تسع سنين. القشيرِيّ: المشهور في الروايات أن ظهور الروم كان في السابعة من غلبة فارس للروم، ولعل رواية الشعبيّ تصحيف من السبع إلى التسع من بعض النقلة. وفي بعض الروايات: أنه جعل القلائص سبعاً إلى تسع سنين. ويقال: إنه آخر فتوح كسرى أبروِيز فتح فيه القسطنطينية حتى بنى فيها بيت النار؛ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فساءه ذلك، فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين. وحكى النقاش وغيره: " أن أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه لما أراد الهجرة مع النبيّ صلى الله عليه وسلم تعلق به أُبيّ بن خلف وقال له: أعطني كفِيلاً بالخطر إن غلبت؛ فكفل به ابنه عبد الرحمن، فلما أراد أبيّ الخروج إلى أُحد طلبه عبد الرحمن بالكفيل فأعطاه كفيلاً، ثم مات أبيّ بمكة من جرح جرحه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية على رأس تسع سنين من مناحبتهم. وقال الشعبيّ: لم تمض تلك المدّة حتى غلبت الروم فارس؛ وربطوا خيلهم بالمدائن، وبنوا رومِيَة؛ فقَمَر أبو بكر أبَيًّا وأخذ مال الخَطَر من ورثته، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: تصدّق به فتصدّق به" . وقال المفسرون: إن سبب غلبة الروم فارس امرأةٌ كانت في فارس لا تلد إلا الملوك والأبطال، فقال لها كسرى: أريد أن أستعمل أحد بنِيك على جيش أجهزه إلى الروم؛ فقالت: هذا هُرْمُز أرْوَغ من ثعلب وأحذر من صقر، وهذا فَرُّخان أحدّ من سِنان وأنفذ من نَبْل، وهذا شهر بزان أحلم من كذا، فاخْتَر؛ قال فاختار الحليم وولاّه، فسار إلى الروم بأهل فارس فظهر على الروم. قال عكرمة وغيره: إن شهر بزان لما غلب الروم خرّب ديارها حتى بلغ الخليج، فقال أخوه فَرُّخان: لقد رأيتني جالساً على سرير كِسرى؛ فكتب كسرى إلى شهر بزان أرسل إليّ برأس فرخان فلم يفعل؛ فكتب كسرى إلى فارس: إني قد استعملت عليكم فرُّخان وعزلت شهر بزان، وكتب إلى فَرُّخان إذا ولي أن يقتل شهر بزان؛ فأراد فَرُّخان قتل شهر بزان فأخرج له شهر بزان ثلاث صحائف من كسرى يأمره بقتل فرُّخان، فقال شهر بزان لفرخان: إن كسرى كتب إليّ أن أقتلك ثلاث صحائف وراجعته أبداً في أمرك، أفتقتلني أنت بكتاب واحد؟ فرد المُلْك إلى أخيه، وكتب شهر بزان إلى قيصر ملك الروم فتعاونا على كسرى، فغلبت الروم فارس ومات كسرى. وجاء الخبر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الحديبِية ففرح من معه من المسلمين؛ فذلك قوله تعالى: { الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ } يعني أرض الشام. عكرمة: بأذرعات، وهي ما بين بلاد العرب والشام. وقيل: إن قيصر كان بعث رجلاً يدعى يحنّس وبعث كسرى شهر بزان فالتقيا بأذرعات وبصرى وهي أدنى بلاد الشام إلى أرض العرب والعجم. مجاهد: بالجزيرة، وهو موضع بين العراق والشام. مقاتل: بالأردنّ وفلسطين. و«أدنى» معناه أقرب. قال ابن عطية: فإن كانت الواقعة بأذرعات فهي من أدنى الأرض بالقياس إلى مكة، وهي التي ذكرها امرؤ القيس في قوله:

تنوّرتها من أذرعات وأهلُهابيثرِبَ أدنى دارِها نظر عالِ

وإن كانت الواقعة بالجزيرة فهي أدنى بالقياس إلى أرض كِسرى، وإن كانت بالأردنّ فهي أدنى إلى أرض الروم. فلما طرأ ذلك وغُلبت الروم سُرّ الكفار فبشر الله عباده بأن الروم سيغلبون وتكون الدولة لهم في الحرب.

وقد مضى الكلام في فواتح السور. وقرأ أبو سعيد الخدريّ وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن قُرّة «غَلَبَتِ الرُّومُ» بفتح الغين واللام. وتأويل ذلك أن الذي طرأ يوم بدر إنما كانت الروم غلبت فعز ذلك على كفار قريش وسرّ بذلك المسلمون، فبشر الله تعالى عباده أنهم سيغلبون أيضاً في بضع سنين؛ ذكر هذا التأويل أبو حاتم. قال أبو جعفر النحاس: قراءة أكثر الناس «غُلِبت الروم» بضم الغين وكسر اللام. وروي عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري أنهما قرأا «غَلَبْت الروم» وقرأا «سيُغْلبون». وحكى أبو حاتم أن عِصمة روى عن هارون: أن هذه قراءة أهل الشام؛ وأحمد بن حنبل يقول: إن عصمة هذا ضعيف، وأبو حاتم كثير الحكاية عنه، والحديث يدل على أن القراءة «غُلِبْت» بضم الغين، وكان في هذا الإخبار دليل على نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الروم غلبتها فارس، فأخبر الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، وأن المؤمنين يفرحون بذلك، لأن الروم أهل كتاب، فكان هذا من علم الغيب الذي أخبر الله عز وجل به مما لم يكن علموه، وأمر أبا بكر أن يراهنهم على ذلك وأن يبالغ في الرهان، ثم حُرّم الرهان بعدُ ونُسخ بتحريم القِمار. قال ابن عطية: والقراءة بضم الغين أصح، وأجمع الناس على «سيغلِبون» أنه بفتح الياء، يراد به الروم. ويروى عن ابن عمر أنه قرأ أيضاً بضم الياء في «سيغلِبون»، وفي هذه القراءة قلب للمعنى الذي تظاهرت الروايات به. قال أبو جعفر النحاس: ومن قرأ «سيُغلبون» فالمعنى عنده: وفارس من بعد غلبهم، أي من بعد أن غَلَبوا، سيُغلبون. وروي أن إيقاع الروم بالفرس كان يوم بدر؛ كما في حديث أبي سعيد الخدري حديثِ الترمذِيّ، وروي أن ذلك كان يوم الحديبية، وأن الخبر وصل يوم بيعة الرّضوان؛ قاله عكرمة وقتادة. قال ابن عطية: وفي كلا اليومين كان نصر من الله للمؤمنين. وقد ذكر الناس أن سبب سرور المسلمين بغلبة الروم وهمّهم أن تغلب إنما هو أن الروم أهل كتاب كالمسلمين، وفارس من أهل الأوثان؛ كما تقدّم بيانه في الحديث. قال النحاس: وقول آخر وهو أولى ـ أن فرحهم إنما كان لإنجاز وعد الله تعالى؛ إذ كان فيه دليل على النبوّة لأنه أخبر تبارك وتعالى بما يكون في بضع سنين فكان فيه. قال ابن عطية: ويشبه أن يعلّل ذلك بما يقتضيه النظر من محبة أن يغلب العدوّ الأصغر لأنه أيسر مؤونة، ومتى غلب الأكبر كثر الخوف منه؛ فتأمل هذا المعنى، مع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجّاه من ظهور دينه وشَرْعِ الله الذي بعثه به وغلبته على الأمم، وإرادة كفار مكة أن يرميه الله بملِك يستأصله ويريحهم منه. وقيل: سرورهم إنما كان بنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين؛ لأن جبريل أخبر بذلك النبيَّ عليه السلام يوم بدر، حكاه القُشَيْرِيّ.

قلت؛ ويحتمل أن يكون سرورهم بالمجموع من ذلك، فسروا بظهورهم على عدوّهم وبظهور الروم أيضاً وبإنجاز وعد الله. وقرأ أبو حَيْوَة الشاميّ ومحمد بن السَّمَيْقَع «من بعد غَلْبهم» بسكون اللام، وهما لغتان؛ مثل الظَّعْن والظَّعَن. وزعم الفرّاء أن الأصل «من بعد غلبتهم» فحذفت التاء كما حذفت في قوله عز وجل: «وَإِقَامِ الصَّلاَةِ» وأصله وإقامة الصلاة. قال النحاس: «وهذا غلط لا يُخِيل على كثير من أهل النحو؛ لأن «إقام الصلاة» مصدر قد حذف منه لاعتلال فعله، فجعلت التاء عوضاً من المحذوف، و«غلب» ليس بمعتل ولا حذف منه شيء. وقد حكى الأصمعِيّ: طَرَدَ طَرَداً، وجَلَبَ جَلَباً، وحَلَبَ حَلَباً، وغَلَبَ غَلَباً، فأيّ حذف في هذا، وهل يجوز أن يقال في أَكَلَ أكْلا وما أشبهه ـ: حذف منه»؟. { فِي بِضْعِ سِنِينَ } حذفت الهاء من «بِضع» فرقاً بين المذكر والمؤنث، وقد مضى الكلام فيه في «يوسف». وفتحت النون من «سِنِينَ» لأنه جمع مسلم. ومن العرب من يقول «في بضع سنين» كما يقول في «غِسلِين». وجاز أن يُجمع سنة جمع من يعقل بالواو والنون والياء والنون؛ لأنه قد حذف منها شيء فجعل هذا الجمع عوضاً من النقص الذي في واحده؛ لأن أصل «سنة» سنهة أو سنوة، وكسرت السين منه دلالة على أن جمعه خارج عن قياسه ونمطه؛ هذا قول البصريين. ويلزم الفرّاء أن يضمها لأنه يقول: الضمة دليل على الواو وقد حذف من سنة واو في أحد القولين، ولا يضمها أحد علِمناه.

قوله تعالى: { لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } أخبر تعالى بانفراده بالقدرة وأن ما في العالم من غلبة وغيرها إنما هي منه وبإرادته وقدرته فقال «لله الأمر» أي إنفاذ الأحكام. «مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ» أي من قبل هذه الغلبة ومن بعدها. وقيل: من قبلِ كل شيء ومن بعد كل شيء. و«مِن قبلُ ومِن بعدُ» ظرفان بنيا على الضم؛ لأنهما تعرّفا بحذف ما أضيفا إليهما وصارا متضمنين ما حذف فخالفا تعريف الأسماء وأشبها الحروف في التضمين فبنِيا، وخُصّا بالضم لشبههما بالمنادى المفرد في أنه إذا نُكِّر وأضيف زال بناؤه، وكذلك هما فَضُمّا. ويقال: «من قبلٍ ومِن بعدٍ». وحكى الكسائي عن بعض بني أسد «لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلٍ وَمِنْ بَعْدُ» الأوّل مخفوض منوّن، والثاني مضموم بلا تنوين. وحكى الفرّاء «مِن قبلِ ومن بعدِ» مخفوضين بغير تنوين. وأنكره النحاس وردّه. وقال الفرّاء في كتابه: في القرآن أشياء كثيرة، الغلط فيها بيّن، منها أنه زعم أنه يجوز «من قبلِ ومن بعدِ» وإنما يجوز «من قبلٍ ومن بعدٍ» على أنهما نكرتان. قال الزجاج: المعنى من متقدّم ومن متأخر. { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ ٱللَّهِ } تقدم ذكره. { يَنصُرُ مَن يَشَآءُ } يعني من أوليائه؛ لأن نصره مختصّ بغلبة أوليائه لأعدائه فأما غلبة أعدائه لأوليائه فليس بنصره، وإنما هو ابتلاء وقد يسمّى ظَفَرا. { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } في نِقمته { ٱلرَّحِيمُ } لأهل طاعته.