خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً
٧
-الأحزاب

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ } أي عهدهم على الوفاء بما حمّلوا، وأن يبشر بعضهم ببعض، ويصدّق بعضهم بعضاً؛ أي كان مسطوراً حين كتب الله ما هو كائن، وحين أخذ الله تعالى المواثيق من الأنبياء. { وَمِنْكَ } يا محمد { وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } وإنما خصّ هؤلاء الخمسة وإن دخلوا في زمرة النبيّين تفضيلاً لهم. وقيل: لأنهم أصحاب الشرائع والكتب، وأولُو العزم من الرسل وأئمة الأمم. ويحتمل أن يكون هذا تعظيماً في قطع الولاية بين المسلمين والكافرين؛ أي هذا مما لم تختلف فيه الشرائع، أي شرائع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. أي كان في ابتداء الإسلام توارثٌ بالهجرة، والهجرة سبب متأكد في الدّيانة، ثم توارثوا بالقرابة مع الإيمان وهو سبب وكِيد؛ فأما التوارث بين مؤمن وكافر فلم يكن في دين أحد من الأنبياء الذين أخِذ عليهم المواثيق؛ فلا تُداهنوا في الدين ولا تمالئوا الكفار. ونظيره: { { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً ـ إلى قوله ـ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ } [الشورى: 13]. ومِن ترك التفرق في الدين ترك موالاة الكفار. وقيل: أي النبي أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم كان ذلك في الكتاب مسطوراً ومأخوذاً به المواثيق من الأنبياء. { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } أي عهداً وثيقاً عظيماً على الوفاء بما التزموا من تبليغ الرسالة، وأن يصدق بعضهم بعضاً. والميثاق هو اليمين بالله تعالى؛ فالميثاق الثاني تأكيد للميثاق الأوّل باليمين. وقيل: الأوّل هو الإقرار بالله تعالى، والثاني في أمر النبوّة ونظير هذا قوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي } [آل عمران: 81] الآية. أي أخذ عليهم أن يعلنوا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلن محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نبيّ بعده. وقدّم محمداً في الذكر لما روى قتادة عن الحسن عن أبي هريرة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ } قال: كنت أوّلَهم في الخلق وآخرَهم في البعث" . وقال مجاهد: هذا في ظهر آدم عليه الصلاة والسلام.