خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١١
-سبأ

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ } أي دروعاً سابغات، أي كوامل تامات واسعات؛ يقال: سبغ الدرع والثوب وغيرهما إذا غطّى كل ما هو عليه وفضل منه. { وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ } قال قتادة: كانت الدروع قبله صفائح فكانت ثقالاً؛ فلذلك أمر هو بالتقدير فيما يجمع من الخفة والحصانة. أي قدّر ما تأخذ من هذين المعنيين بقسطه. أي لا تقصد الحصانة فتثقل، ولا الخفة فتزيل المنعة. وقال ابن زيد: التقدير الذي مر به هو في قدر الحَلْقة، أي لا تعملها صغيرة فتضعف فلا تقوى الدروع على الدفاع، ولا تعملها كبيرة فينال لابسها. وقال ابن عباس: التقدير الذي أمر به هو في المسمار، أي لا تجعل مسمار الدرع رقيقاً فَيقْلَق، ولا غليظاً فَيَفصِم الحلَق. روي «يقصم» بالقاف، والفاء أيضاً رواية. { فِي ٱلسَّرْدِ } السَّرْد نسج حلَق الدروع، ومنه قيل لصانع حلق الدروع: السرّاد والزرّاد، تبدل من السين الزاي، كما قيل: سرّاط وزرّاط. والسّرْد: الخَرْز، يقال: سرد يسرد إذا خرز. والمِسْرَد: الإشفى، ويقال سراد؛ قال الشّماخ:

فظلت تباعاً خيلنا في بيوتكمكما تابعت سرْد العِنان الخوارِزُ

والسِّراد: السير الذي يخرز به؛ قال لَبِيد:

يشك صِفاحها بالرّوْق شَزْراًكما خرج السِّراد من النقال

ويقال: قد سرد الحديث والصوم؛ فالسرد فيهما أن يجيء بهما وِلاء في نسق واحد، ومنه سرد الكلام. وفي حديث عائشة: لم يكن النبيّ صلى الله عليه وسلم يسرد الحديث كسردكم، وكان يحدّث الحديث لو أراد العادّ أن يعدّه لأحصاه. قال سيبويه: ومنه رجل سَرَنْدَى أي جريء، قال: لأنه يمضي قُدُماً. وأصل ذلك في سرد الدرع، وهو أن يُحكمها ويجعل نظام حلَقها وِلاء غير مختلف. قال لبيد:

صنع الحديدَ مضاعفاً أسرادهلينال طول العيش غير مَرُومِ

وقال أبو ذؤيب:

وعليهما مسرُودَتانِ قضاهماداودُ أو صَنَعُ السوابغِ تُبَّعُ

{ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } أي عملاً صالحاً. وهذا خطاب لداود وأهله، كما قال: «اعْمَلُوا آلَ دَاوُدُ شُكْراً». { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.