خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ
١٩
وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ
٢٠
وَلاَ ٱلظِّلُّ وَلاَ ٱلْحَرُورُ
٢١
وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ
٢٢
-فاطر

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } أي الكافر والمؤمن والجاهل والعالم. مثل: { { قُل لاَّ يَسْتَوِي ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ } [المائدة: 100]. { وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ } قال الأخفش سعيد: «لا» زائدة؛ والمعنى ولا الظلمات والنور، ولا الظل والحرور. قال الأخفش: والحرور لا يكون إلا مع شمس النهار، والسَّموم يكون بالليل، وقيل بالعكس. وقال رُوْبة بن العجاج: الحرور تكون بالنهار خاصة، والسموم يكون بالليل خاصة، حكاه المهدوِيّ. وقال الفرّاء: السموم لا يكون إلا بالنهار، والحرور يكون فيهما. النحاس: وهذا أصح؛ لأن الحرور فعول من الحرّ، وفيه معنى التكثير، أي الحرّ المؤذي.

قلت: وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قالت النار ربِّ أكل بعضي بعضاً فأذَنْ لي أتنفس فأذِن لها بنَفَسين نَفَسٍ في الشتاء ونفس في الصيف فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نَفَس جهنم وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم" . وروي من حديث الزهريّ عن سعيد عن أبي هريرة: "فما تجدون من الحرّ فمن سمومها وشدّة ما تجدون من البرد فمن زمهريرها" وهذا يجمع تلك الأقوال، وأن السموم والحرور يكون بالليل والنهار؛ فتأمله. وقيل: المراد بالظل والحرور الجنة والنار؛ فالجنة ذات ظل دائم، كما قال تعالى: { أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا } [الرعد: 35] والنار ذات حرور، وقال معناه السُّدّي. وقال ابن عباس: أي ظل الليل، وحرّ السموم بالنهار. قُطرُب: الحرور الحر، والظل البرد. { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ } قال ابن قُتيبة: الأحياء العقلاء، والأموات الجهال. قال قتادة: هذه كلها أمثال؛ أي كما لا تستوي هذه الأشياء كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن. { إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ } أي يُسمع أولياءه الذين خلقهم لجنته. { وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ } أي الكفار الذين أمات الكفر قلوبهم؛ أي كما لا تُسمع من مات، كذلك لا تُسمع من مات قلبه. وقرأ الحسن وعيسى الثقفيّ وعمرو بن ميمون: «بِمُسْمِعِ مَن فِي القبورِ» بحذف التنوين تخفيفاً؛ أي هم بمنزلة (أهل) القبور في أنهم لا ينتفعون بما يسمعونه ولا يقبلونه.