خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ
٧٨
قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ
٧٩
-يس

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } فيه مسألتان:

الأولى: قوله تعالى: { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ } أي ونسي أنا أنشأناه من نطفة ميتة فركبنا فيه الحياة. أي جوابه من نفسه حاضر؛ ولهذا قال عليه السلام: "نعم ويبعثك الله ويدخلك النار" ففي هذا دليل على صحة القياس؛ لأن الله جل وعز ٱحتج على منكري البعث بالنشأة الأولى. { قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } أي بالية. رَمَّ العظمُ فهو رَميمٌ ورِمَام. وإنما قال رميم ولم يقل رميمة؛ لأنها معدولة عن فاعلة، وما كان معدولاً عن وجهه ووزنه كان مصروفاً عن إعرابه؛ كقوله: { { وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } [مريم: 28] أسقط الهاء؛ لأنها مصروفة عن باغية. وقيل: إن هذا الكافر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن سحقتها وأذريتها في الريح أيعيدها الله! فنزلت: { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي من غير شيء فهو قادر على إعادتها في النشأة الثانية من شيء وهو عَجْم الذَّنَب. ويقال عَجْبُ الذَّنَب بالباء. { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } أي كيف يبدىء ويعيد.

الثانية: في هذه الآية دليل على أن في العظام حياة وأنها تنجس بالموت. وهو قول أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي. وقال الشافعي رضي الله عنه: لا حياة فيها. وقد تقدّم هذا في «النحل». فإن قيل: أراد بقوله { مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ } أصحاب العظام، وإقامة المضاف مقام المضاف إليه كثير في اللغة، موجود في الشريعة. قلنا: إنما يكون إذا ٱحتيج لضرورة وليس هاهنا ضرورة تدعو إلى هذا الإضمار، ولا يفتقر إلى هذا التقدير، إذ الباري سبحانه قد أخبر به وهو قادر عليه والحقيقة تشهد له؛ فإن الإحساس الذي هو علامة الحياة موجود فيه؛ قاله ٱبن العربي.