خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ
١٤٩
أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ
١٥٠
أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ
١٥١
وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١٥٢
أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ
١٥٣
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
١٥٤
أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
١٥٥
أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ
١٥٦
فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٥٧
-الصافات

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } لما ذكر أخبار الماضين تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ٱحتج على كفار قريش في قولهم: إن الملائكة بنات اللّه؛ فقال: «فَاْسْتَفْتِهِمْ». وهو معطوف على مثله في أول السورة وإن تباعدت بينهم المسافة؛ أي فسل يا محمد أهل مكة «أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ». وذلك أن جُهَينة وخزاعة وبني مُلَيْح وبني سلمة وعبد الدار زعموا أن الملائكة بنات اللّه. وهذا سؤال توبيخ.{ أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } أي حاضرون لخلقنا إياهم إناثاً؛ وهذا كما قال اللّه عز وجل: { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ } [الزخرف: 19] ثم قال: { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ } وهو أسوأ الكذب { لَيَقُولُونَ وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } في قولهم إن للّه ولداً وهو الذي لا يلد ولا يولد. و«إنّ» بعد «أَلاَ» مكسورة؛ لأنها مبتدأة. وحكى سيبويه أنها تكون بعد أَمَا مفتوحة أو مكسورة؛ فالفتح على أن تكون أَمَا بمعنى حقًّا، والكسر على أن تكون أَمَا بمعنى أَلاَ. النحاس: وسمعت علي بن سليمان يقول يجوز فتحها بعد أَلاَ تشبيهاً بأَمَا، وأمّا في الآية فلا يجوز إلا كسرها؛ لأن بعدها الرفع. وتمام الكلام «لَكَاذِبُونَ». ثم يبتدىء { لَيَقُولُونَ وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } على معنى التقريع والتوبيخ كأنه قال: ويْحكم «أَصْطَفَى الْبَنَاتِ» أي أختار النباتِ وترك البنين. وقراءة العامة «أَصْطَفَى» بقطع الألف؛ لأنها ألف ٱستفهام دخلت على ألف الوصل، فحذفت ألف الوصل وبقيت ألف الاستفهام مفتوحة مقطوعة على حالها مثل: { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ } على ما تقدم. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وحمزة «ٱصْطَفَى» بوصل الألف على الخبر بغير ٱستفهام. وإذا ٱبتدأ كسر الهمزة. وزعم أبو حاتم أنه لا وجه لها؛ لأن بعدها { مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } فالكلام جارٍ على التوبيخ من جهتين: إحداهما أن يكون تبييناً وتفسيراً لما قالوه من الكذب ويكون «مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» منقطعاً مما قبله. والجهة الثانية أنه قد حكى النحويون ـ منهم الفراء ـ أن التوبيخ يكون بٱستفهام وبغير ٱستفهام كما قال جل وعز: { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا } [الأحقاف: 20]. وقيل: هو على إضمار القول؛ أي ويقولون «ٱصْطَفَى الْبَنَاتِ». أو يكون بدلاً من قوله: «وَلَدَ اللَّهُ» لأن ولادة البنات وٱتخاذهنّ اصطفاء لهنّ، فأبدل مثال الماضي من مثال الماضي فلا يوقف على هذا على «لَكَاذِبُونَ». { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } في أنه لا يجوز أن يكون له ولد. { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } حجة وبرهان. { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ } أي بحججكم { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } في قولكم.