خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ
٤٨
هَـٰذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ
٤٩
جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ
٥٠
مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ
٥١
وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ
٥٢
هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ
٥٣
إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ
٥٤

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ } مضى ذكر اليسع في «الأنعام» وذكر ذي الكفل في «الأنبياء». { وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ } أي ممن اختير للنبوّة. { هَـٰذَا ذِكْرٌ } بمعنى هذا ذكر جميل في الدنيا وشرف يذكرون به في الدنيا أبداً. { وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ } أي لهم مع هذا الذكر الجميل في الدنيا حسن المرجع في القيامة. ثم بيّن ذلك بقوله تعالى: { جَنَّاتِ عَدْنٍ } والعدن في اللغة الإقامة؛ يقال: عدن بالمكان إذا أقام. وقال عبد الله بن عمر: إن في الجنة قصراً يقال له عَدْن حوله البروج والمروج فيه خمسة آلاف باب على كل باب خمسة آلاف حِبَرَة لا يدخله إلا نبيّ أو صِدّيق أو شهيد. { مُّفَتَّحَةً } حال { لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } رفعت الأبواب لأنه اسم ما لم يسم فاعله. قال الزجاج: أي مفتحة لهم الأبواب منها. وقال الفرّاء: مفتحة لهم أبوابها. وأجاز الفرّاء: «مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابَ» بالنصب. قال الفرّاء: أي مفتحة الأبوابِ ثم جئت بالتنوين فنصبت. وأنشد هو وسيبويه:

ونأخذُ بعدهُ بِذِنَابِ عَيْشٍأَجبَّ الظَّهْرَ ليس له سَنَامُ

وإنما قال: «مُفَتَّحَةً» ولم يقل مفتوحة؛ لأنها تفتح لهم بالأمر لا بالمس. قال الحسن: تُكلَّم: انفتحي فتنفتح انغلقي فتنغلق. وقيل: تفتح لهم الملائكة الأبواب.

قوله تعالى: { مُتَّكِئِينَ فِيهَا } هو حال قدمت على العامل فيها وهو قوله: { يَدْعُونَ فِيهَا } أي يدعون في الجنات متكئين فيها. { بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } أي بألوان الفواكه { وَشَرَابٍ } أي وشراب كثير فحذف لدلالة الكلام عليه.

قوله تعالى: { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } أي على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم وقد مضى في «الصافات». { أَتْرَابٌ } أي على سن واحد. وميلاد امرأة واحدة، وقد تساوين في الحسن والشباب، بنات ثلاث وثلاثين سنة. قال ابن عباس: يريد الآدميات. و«أَتْرابٌ» جمع تِرْب وهو نعت لقاصرات؛ لأن «قاصِرَاتُ» نكرة وإن كان مضافاً إلى المعرفة. والدليل على ذلك أن الألف واللام يدخلانه كما قال:

مِن القاصِراتِ الطَّرْفِ لَوْ دَبَّ مُحْوِلٌمن الذَّرِّ فوق الإِتْبِ مِنها لأَثَّرا

قوله تعالى: { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } أي هذا الجزاء الذي وعدتم به. وقراءة العامة بالتاء أي ما توعدون أيها المؤمنون. وقرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو ويعقوب بالياء على الخبر، وهي قراءة السُّلمي واختيار أبي عبيد وأبي حاتم؛ لقوله تعالى: { وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ } فهو خبر. «لِيوْمِ الْحِسَابِ» أي في يوم الحساب، قال الأعشى:

المهِينِين مَا لَهُمْ لزمانِ السَّــوءِ حتى إِذا أفاق أفاقوا

أي في زمان السوء.

قوله تعالى: { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } دليل على أن نعيم الجنة دائم لا ينقطع؛ كما قال: { عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [هود: 108]وقال: { لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [الانشقاق: 25].