خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ
٦٢
أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار
٦٣
إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ
٦٤

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَقَالُواْ } يعني أكابر المشركين { مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } قال ابن عباس: يريدون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ يقول أبو جهل: أين بلال أين صُهَيْب أين عَمّار أولئك في الفردوس! واعجباً لأبي جهل! مسكين؛ أسلم ابنه عكرمة، وابنته جُوَيرية، وأسلمت أمه، وأسلم أخوه، وكفر هو؛ قال:

ونوراً أضاءَ الأرضَ شَرْقاً ومَغْرِباًوموضِعُ رِجلِي مِنْهُ أَسْوَدُ مُظْلِمُ

{ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً } قال مجاهد: أتخذناهم سخريا في الدنيا فأخطأنا { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـرُ } فلم نعلم مكانهم. قال الحسن: كل ذلك قد فعلوا؛ اتخذوهم سخريًّا، وزاغت عنهم أبصارهم في الدنيا محقرة لهم. وقيل: معنى { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـرُ } أي أهم معنا في النار فلا نراهم. وكان ابن كثير والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي يقرؤون «مِنَ الأَشْرَارِ اتَّخَذْنَاهُمْ» بحذف الألف في الوصل. وكان أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وابن عامر يقرؤون «أَتَّخَذْنَاهُمْ» بقطع الألف على الاستفهام وسقطت ألف الوصل؛ لأنه قد استغنى عنها؛ فمن قرأ بحذف الألف لم يقف على «الأَشْرَارِ» لأن «اتَّخَذْنَاهُمْ» حال. وقال النحاس والسجستاني: هو نعت لرجال. قال ابن الأنباري: وهذا خطأ؛ لأن النعت لا يكون ماضياً ولا مستقبلاً. ومن قرأ: «أَتخذناهم» بقطع الألف وقف على «الأَشْرَارِ» قال الفراء: والاستفهام هنا بمعنى التوبيخ والتعجب. «أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ» إذا قرأت بالاستفهام كانت أم للتسوية، وإذا قرأت بغير الاستفهام فهي بمعنى بل. وقرأ أبو جعفر ونافع وشيبة والمفضّل وهبيرة ويحيـى والأعمش وحمزة والكسائي: «سُخْرِيًّا» بضم السين. الباقون بالكسر. قال أبو عبيدة: من كسر جعله من الهزء ومن ضم جعله من التسخير. وقد تقدّم. { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } «لَحَقٌّ» خبر إنّ و«تَخَاصُمُ» خبر مبتدأ محذوف بمعنى هو تخاصم. ويجوز أن يكون بدلاً من حق. ويجوز أن يكون خبراً بعد خبر. ويجوز أن يكون بدلاً من ذلك على الموضع. أي إنّ تخاصم أهل النار في النار لحق. يعني قولهم: «لاَ مَرْحبَاً بِكُمْ» الآية وشبهه من قول أهل النار.