خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١٧٦
-النساء

الجامع لاحكام القرآن

فيه ست مسائل:

الأُولى ـ قال البراء بن عازب: هذه آخر آية نزلت من القرآن؛ كذا في كتاب مسلم. وقيل: نزلت والنبيّ صلى الله عليه وسلم متجهز لحجة الوداع، ونزلت بسبب جابر؛ "قال جابر بن عبد الله: مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشيين، فأغمي عليّ؛ فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صب عليّ من وضوئه فأفقت، فقلت: يا رسول الله كيف أقضي في مالي؟ فلم يردّ عليّ شيئاً حتى نزلت آية الميراث { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ }" رواه مسلم؛ وقال: آخر آية نزلت { { وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ } [البقرة: 281] وقد تقدّم. ومضى في أوّل السورة الكلام في «الكلالة» مستوفى، وأن المراد بالإخوة هنا الإخوة للأب والأُم أو للأب وكان لجابر تسع أخوات.

الثانية ـ قوله تعالى: { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } أي ليس له ولد ولا والد؛ فٱكتفى بذكر أحدهما؛ قال الجرجاني: لفظ الولد ينطلق على الوالد والمولود؛ فالوالد يسمى والدا لأنه وَلد، والمولود يسمى وَلدا لأنه وُلد؛ كالذرية فإنها من ذَرَا ثم تطلق على المولود وعلى الوالد؛ قال الله تعالى: { { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } [يسۤ: 41].

الثالثة ـ والجمهور من العلماء من الصحابة والتابعين يجعلون الأخوات عصبة البنات وإن لم يكن معهنّ أخ، غير ٱبن عباس؛ فإنه كان لا يجعل الأخوات عصبة البنات؛ وإليه ذهب داود وطائفة؛ وحجتهم ظاهر قول الله تعالى: { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ } ولم يورّث الأُخت إلا إذا لم يكن للميت ولد؛ قالوا: ومعلوم أن الابنة من الولد، فوجب ألاّ ترث الأُخت مع وجودها. وكان ابن الزُّبِير يقول بقول ابن عباس في هذه المسئلة حتى أخبره الأسود بن يزيد: أن معاذاً قضى في بنت وأُخت فجعل المال بينهما نصفين.

الرابعة ـ هذه الآية تسمى بآية الصيف؛ لأنها نزلت في زمن الصيف؛ "قال عمر: إني والله لا أدع شيئاً أهَمّ إلى من أمر الكَلالة، وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها، حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري ثم قال: يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء" . وعنه رضي الله عنه قال: ثلاث لأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بَينَّهن أحب إليّ من الدّنيا وما فيها: الكلالة والرّبا والخلافة؛ خرّجه ٱبن ماجه في سننه.

الخامسة ـ طعن بعض الرافضة بقول عمر: «والله لا أدع» الحديثَ.

السادسة ـ قوله تعالى: { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } قال الكسائي: المعنى يبين الله لكم لِئلا تَضِلوا. قال أبو عبيد؛ فحدّثت الكسائيّ بحديث رواه ٱبن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يدعونّ أحدكم على ولده أن يوافق من الله إجابة" فٱستحسنه. قال النحاس: والمعنى عند أبي عبيد لئلا يوافق من الله إجابة، وهذا القول عند البصريين خطأ صراح؛ لأنهم لا يجيزون إضمار لا؛ والمعنى عندهم: يبيّن الله لكم كراهة أن تضلوا. ثم حذف؛ كما قال: { { وَٱسْأَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [يوسف: 82] وكذا معنى حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ أي كراهية أن يوافق من الله إجابة. { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } تقدّم في غير موضع. والله أعلم تمت سورة «النساء» والحمد الله الذي وفق.