خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ
١٧
-الزخرف

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى:{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً } أي بأنه ولدت له بنت { ظَلَّ وَجْهُهُ } أي صار وجهه { مُسْوَدّاً } قيل ببطلان مَثَله الذي ضربه. وقيل: بما بُشِّر به من الأنثى؛ دليله في سورة النحل { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ } [النحل: 85]. ومِن حالهم أن أحدهم إذا قيل له قد ولدت له أنثى اغتم وٱربدّ وجهه غيظاً وتأسفاً وهو مملوء من الكرب. وعن بعض العرب أن امرأته وضعت أنثى فهجر البيت الذي فيه المرأة فقالت:

ما لأِبي حمزة لا يأتينايَظَلّ في البيت الذي يلينا
غضبان ألا نلد البنينا وإنما نأخذ ما أعطينا

وقرىء «مسودٌّ، ومسوادٌّ». وعلى قراءة الجماعة يكون وجهه ٱسم «ظَلَّ» و «مُسْوَدًّا» خبر «ظَلَّ». ويجوز أن يكون في «ظَلَّ» ضمير عائد على أحد وهو ٱسمها، و «وَجْهُهُ» بدل من الضمير. و «مُسْوَدًّا» خبر «ظَلَّ». ويجوز أن يكون رفع «وَجْهُهُ» بالابتداء، ويرفع «مُسْوَدًّا» على أنه خبره، وفي «ظَلَّ» ٱسمها والجملة خبرها. { وَهُوَ كَظِيمٌ } أي حزين؛ قاله قتادة. وقيل مكروب؛ قاله عكرمة. وقيل ساكت؛ قاله ابن أبي حاتم؛ وذلك لفساد مَثَله وبطلان حجته. ومن أجاز أن تكون الملائكة بنات الله فقد جعل الملائكة شِبهاً لِلّه؛ لأن الولد من جنس الوالد وشبهه. ومن اسودّ وجهه بما يضاف إليه مما لا يرضى، أولى من أن يسود وجهه بإضافة مثل ذلك إلى من هو أجلّ منه؛ فكيف إلى الله عز وجل! وقد مضى في «النحل» في معنى هذه الآية ما فيه كفاية.