خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ
٤٣
طَعَامُ ٱلأَثِيمِ
٤٤
كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ
٤٥
كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ
٤٦
-الدخان

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى:{ إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ } كل ما في كتاب الله تعالى من ذكر الشجرة فالوقف عليه بالهاء؛ إلا حرفاً واحداً في سورة الدخان { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ }؛ قاله ابن الأنباري. و { ٱلأَثِيمِ } الفاجر؛ قاله أبو الدرداء. وكذلك قرأ هو وابن مسعود. وقال همام بن الحارث: كان أبو الدرداء يقرىء رجلاً «إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ اْلأَثِيمِ» والرجل يقول: طعام اليتيم، فلما لم يفهم قال له: «طعام الفاجر». قال أبو بكر الأنباريّ: حدّثني أبي قال حدّثنا نصر قال حدّثنا أبو عبيد قال حدّثنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: عَلّم عبد الله بن مسعود رجلاً «إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعَامُ اْلأَثِيمِ» فقال الرجل: طعام اليتيم، فأعاد عليه عبد الله الصواب وأعاد الرجل الخطأ، فلما رأى عبد الله أن لسان الرجل لا يستقيم على الصواب قال له: أما تحسن أن تقول طعام الفاجر؟ قال بلى، قال فافعل. ولا حجة في هذا للجهال من أهل الزَّيْغ، أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره، لأن ذلك إنما كان من عبد الله تقريباً للمتعلّم، وتوطئة منه له للرجوع إلى الصواب، واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله وحكاية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الزَّمَخْشريّ: «وبهذا يستدل على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤديةً معناها. ومنه أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة، وهي أن يؤدّي القارىء المعاني على كمالها من غير أن يَخْرِم منها شيئاً. قالوا: وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة؛ لأن في كلام العرب خصوصاً في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه، من لطائف المعاني والأغراض ما لا يستقلّ بأدائه لسان من فارسية وغيرها، وما كان أبو حنيفةرحمه الله يحسن الفارسية، فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر. وروى عليّ بن الجعد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل قول صاحبيه في إنكار القراءة بالفارسية». وشجرة الزقوم: الشجرة التي خلقها الله في جهنم وسمّاها الشجرة الملعونة، فإذا جاع أهل النار التجأوا إليها فأكلوا منها، فغليت في بطونهم كما يغلي الماء الحار. وشبّه ما يصير منها إلى بطونهم بالمُهْل، وهو النُّحاس المذاب. وقراءة العامة «تَغْلِي» بالتاء حملاً على الشجرة. وقرأ ابن كَثير وحفص وابن مُحَيْصِن ورُوَيْس عن يعقوب «يغلي» بالياء حملاً على الطعام؛ وهو في معنى الشجرة. ولا يُحمل على المهْل لأنه ذكر للتشبيه. و «الأثيم» الآثم؛ من أثِم يأثَم إثْماً؛ قاله القشيريّ وابن عيسى. وقيل هو المشرك المكتسب للإثم؛ قاله يحيى بن سلام. وفي الصحاح: وقد أثم الرجل (بالكسر) إثماً ومأثماً إذا وقع في الإثم، فهو آثم وأثيم وأثوم أيضاً. فمعنى «طَعَامُ اْلأَثِيمِ» أي ذي الإثم الفاجر، وهو أبو جهل. وذلك أنه قال: يعِدنا محمد أن في جهنم الزقّوم، وإنما هو الثريد بالزبد والتمر، فبيّن الله خلاف ما قاله. وحكى النقاش عن مجاهد أن شجرة الزقّوم أبو جهل.

قلت: وهذا لا يصح عن مجاهد. وهو مردود بما ذكرناه في هذه الشجرة في سورة «الصافات وسبحان» أيضاً.